١٤ - ﴿ فإن لم يستجيبوا لك ﴾ أي فإن لم يفعلوا ما طلبته منهم وتحديتهم به من الإتيان بعشر سور مثله ولا استجابوا إلى المعارضة المطلوبة منهم ويكون الضمير في لكم لرسول الله صلى الله عليه و سلم وللمؤمنين أو للنبي صلى الله عليه و سلم وحده وجمع تعظيما وتفخيما ﴿ فاعلموا ﴾ أمر لرسول الله صلى الله عليه و سلم وللمؤمنين أو للرسول وحده على التأويل الذي سلف قريبا ومعنى أمرهم بالعلم أمرهم بالثبات عليه لأنهم عالمون بذلك من قبل عجز الكفار عن الإتيان بعشر سور مثله أو المراد بالأمر بالعلم الأمر بالازدياد منه إلى حد لا يشوبه شك ولا تخالطه شبهة وهو علم اليقين والأول أولى ومعنى ﴿ أنما أنزل بعلم الله ﴾ أنه أنزل متلبسا بعلم الله المختص به الذي لا تطلع على كنهه العقول ولا تستوضح معناه الأفهام لما اشتمل عليه من الإعجاز الخارج عن طوق البشر ﴿ وأن لا إله إلا هو ﴾ أي واعلموا أن الله هو المتفرد بالألوهية لا شريك له ولا يقدر غيره على ما يقدر عليه ثم ختم الآية بقوله :﴿ فهل أنتم مسلمون ﴾ أي ثابتون على الإسلام مخلصون له مزدادون من الطاعات لأنه قد حصل لكم بعجز الكفار عن الإتيان بمثل عشر سور من هذا الكتاب طمأنينة فوق ما كنتم عليه وبصيرة زائدة وإن كنتم مسلمين من قبل هذا فإن الثبوت عليه وزيادة البصيرة فيه والطمأنينة به مطلوب منكم وقيل إن الضمير في ﴿ فإن لم يستجيبوا ﴾ للموصول في من استطعتم وضمير لكم للكفار الذين تحداهم رسول الله وكذلك ضمير فاعلموا والمعنى : فإن لم يستجب لكم من دعوتموه للمعاضدة والمناصرة على الإتيان بعشر سور من سائر الكفار ومن يعبدونهم ويزعمون أنهم يضرون وينفعون فاعلموا أن هذا القرآن الذي أنزله الله على هذا الرسول خارج عن قدرة غيره سبحانه وتعالى لما اشتمل عليه من الإعجاز الذي تتقاصر دونه قوة المخلوقين وأنه أنزل بعلم الله الذي لا تحيط به العقول ولا تبلغه الأفهام واعلموا أنه المنفرد بالألوهية لا شريك له فهل أنتم بعد هذا مسلمون ؟ أي داخلون في الإسلام متبعون لأحكمه مقتدون بشرائعه وهذا الوجه أقوى من الوجه الأول من جهة وأضعف منه من جهة فأما جهة قوته فلا نتساق الضمائر وتناسبها وعدم احتياج بعضها إلى تأويل وأما ضعفه فلما في ترتيب الأمر بالعلم على عدم الاستجابة ممن دعوهم واستعانوا بهم من الخفاء واحتياجه إلى تكلف وهو أن يقال : إن عدم استجابة من تدعوهم واستعانوا بهم من الكفار والآلهة مع حرصهم على نصرهم ومعاضدتهم ومبالغتهم في عدم إيمانهم واستمرارهم على الكفر يفيد حصول العلم لهؤلاء الكفار بأن هذا القرآن من عند الله وأن الله سبحانه هو الإله وحده لا شريك له وذلك يوجب دخولهم في الإسلام واعلم أنه قد اختلف التحدي للكفار بمعارضة القرآن فتارة وقع بمجموع القرآن كقوله :﴿ قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون ﴾ وبعشر سور كما في هذه الآية وذلك لأن العشرة أول عقد من العقود وبسورة منه كما تقدم وذلك لأن السورة أقل طائفة منه