ثم وصف هؤلاء الظالمين الذين لعنوا بأنهم ١٩ - ﴿ الذين يصدون عن سبيل ﴾ أي يمنعون من قدروا على منعه عن دين الله والدخول فيه ﴿ ويبغونها عوجا ﴾ أي يصفونها بالاعوجاج تنفيرا للناس عنها أو يبغون أهلها أن يكونوا معوجين بالخروج عنها إلى الكفر يقال بغيتك شرا : أي طلبته لك ﴿ و ﴾ الحال أنـ ﴿ وهم بالآخرة هم كافرون ﴾ أي يصفونها بالمعوج والحال أنهم بالآخرة غير مصدقين فكيف يصدون الناس عن طريق الحق وهم على الباطل البحت ؟ وتكرير الضمير لتأكيد كفرهم واختصاصهم به حتى كأن كفر غيرهم غير معتد به بالنسبة إلى عظيم كفرهم
٢٠ - ﴿ أولئك ﴾ الموصوفون بتلك الصفات ﴿ لم يكونوا معجزين في الأرض ﴾ أي ما كانوا يعجزون الله في الدنيا إن أراد عقوبتهم ﴿ وما كان لهم من دون الله من أولياء ﴾ يدفعون عنهم ما يريده الله سبحانه من عقوبتهم وإنزال بأسه بهم وجملة ﴿ يضاعف لهم العذاب ﴾ مستأنفة لبيان أن تأخير العذاب والتراخي عن تعجيله لهم ليكون عذابا مضاعفا وقرأ ابن كثير وابن عامر ويزيد ويعقوب ﴿ يضاعف ﴾ مشددا ﴿ ما كانوا يستطيعون السمع ﴾ أي أفرطوا في إعراضهم عن الحق وبغضهم له حتى كأنهم لا يقدرون على السمع ولا يقدرون على الإبصار لفرط تعاميهم عن الصواب ويجوز أن يراد بقوله :﴿ وما كان لهم من دون الله من أولياء ﴾ أنهم جعلوا آلهتهم أولياء من دون الله ولا ينفعهم ذلك فما كان هؤلاء الأولياء يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون فكيف ينفعونهم فيجلبون لهم نفعا أو يدفعون عنهم ضررا ويجوز أن تكون ما هي المدية والمعنى : أنه يضاعف لهم العذاب مدة استطاعتهم السمع والبصر قال الفراء : ما كانوا يستطيعون السمع لأن الله أضلهم في اللوح المحفوظ وقال الزجاج : لبغضهم النبي صلى الله عليه و سلم وعداوتهم له لا يستطيعون أن يسمعوا منه ولا يفهموا عنه قال النحاس : هذا معروف في كلام العرب يقال : فلان لا يستطيع أن ينظر إلى فلان : إذا كان ثقيلا عليه
٢١ - ﴿ أولئك ﴾ المتصفون بتلك الصفات ﴿ الذين خسروا أنفسهم ﴾ بعبادة غير الله والمعنى : اشتروا عبادة الآلهة بعبادة الله فكان خسرانهم في تجارتهم أعظم خسران ﴿ وضل عنهم ما كانوا يفترون ﴾ أي ذهب وضاع ما كانوا يفترون من الآلهة التي يدعون أنها تشفع لهم ولم يبق بأيديهم إلا الخسران