قوله : ٥٠ - ﴿ وإلى عاد أخاهم هودا ﴾ معطوف على وأرسلنا نوحا : أي وأرسلنا إلى عاد أخاهم : أي واحدا منهم وهودا عطف بيان وقوم عاد كانوا عبدة أوثان وقد تقدم مثل هذا في الأعراف وقيل : هم عاد الأولى وعاد الأخرى فهؤلاء هم عاد الأولى وعاد الأخرى هم شداد ولقمان وقومهما المذكورون في قوله :﴿ إرم ذات العماد ﴾ وأصل عاد : اسم رجل ثم صار اسما للقبيلة كتميم وبكر ونحوهما ﴿ ما لكم من إله غيره ﴾ قرئ غيره بالجر على اللفظ وبالرفع على محل من إله وقرئ بالنصب على الاستثناء ﴿ إن أنتم إلا مفترون ﴾ أي ما أنتم باتخاذ إله غير الله إلا كاذبون على الله عز و جل
ثم خاطبهم فقال : ٥١ - ﴿ يا قوم لا أسألكم عليه أجرا ﴾ أي لا أطلب منكم أجرا على ما أبلغه إليكم وأنصحكم به من الإرشاد إلى عبادة الله وحده وأنه لا إله لكم سواه فالضمير راجع إلى مضمون هذا الكلام وقد تقدم معنى هذا في قصة نوح ﴿ إن أجري إلا على الذي فطرني ﴾ أي ما أجري الذي أطلب إلا من الذي فطرني : أي خلقني فهو الذي يثيبني على ذلك ﴿ أفلا تعقلون ﴾ أن أجر الناصحين إنما هو من رب العالمين قيل : إنما قال فيما تقدم في قصة نوح : مالا وهنا قال : أجرا لذكر الخزائن بعده في قصة نوح ولفظ المال بها أليق
ثم أرشدهم إلى الاستغفار والتوبة والمعنى : اطلبوا مغفرته لما سلف من ذنوبكم ثم توسلوا إليه بالتوبة وقد تقدم زيادة بيان لمثل هذا في قصة نوح ثم رغبهم في الإيمان بالخير العاجل فقال : ٥٢ - ﴿ يرسل السماء ﴾ أي المطر ﴿ عليكم مدرارا ﴾ أي كثير الدرور وهو منصوب على الحال درت السماء تدر وتدر فهي مدرار وكان قوم هود أهل بساتين وزرع وعمارة وكانت مساكنهم الرمال التي بين الشام واليمن ﴿ ويزدكم قوة إلى قوتكم ﴾ معطوف على يرسل : أي شدة مضافة إلى شدتكم أو خصبا إلى خصبكم أو عزا إلى عزكم قال الزجاج : المعنى يزدكم قوة في النعم ﴿ ولا تتولوا مجرمين ﴾ أي لا تعرضوا عما أدعوكم إليه وتقيموا على الكفر مصرين عليه والإجرام : الآثام كما تقدم
ثم أجابه قومه بما يدل على فرط جهالتهم وعظيم غباوتهم فـ ﴿ قالوا يا هود ما جئتنا ببينة ﴾ أي بحجة واضحة نعمل عليها ونؤمن لك بها غير معترفين بما جاءهم من حجج الله وبراهينه عنادا وبعدا عن الحق ﴿ وما نحن بتاركي آلهتنا ﴾ التي نعبدها من دون الله ومعنى ﴿ عن قولك ﴾ صادرين عن قولك فالظرف في محل نصب على الحال ﴿ وما نحن لك بمؤمنين ﴾ أي بمصدقين في شيء مما جئت به