٥٩ - ﴿ وتلك عاد ﴾ مبتدأ وخبر وأنث الإشارة اعتبارا بالقبيلة قال الكسائي : إن من العرب من لا يصرف عاد ويجعله اسما للقبيلة ﴿ جحدوا بآيات ربهم ﴾ أي كفروا بها وكذبوها وأنكروا المعجزات ﴿ وعصوا رسله ﴾ أي هودا وحده لأنه لم يكن في عصره رسول سواه وإنما جمع هنا لأن من كذب رسولا فقد كذب جميع الرسل وقيل : إنهم عصوا هودا ومن كان قبله من الرسل أو كانوا بحيث لو بعث الله إليهم رسلا متعددين لكذبوهم ﴿ واتبعوا أمر كل جبار عنيد ﴾ الجبار المتكبر والعنيد : الطاغي الذي لا يقبل الحق ولا يذعن له قال أبو عبيدة : العنيد العنود والعاند والمعاند وهو المعارض بالخلاف منه ومنه قيل للعرق الذي يتفجر بالدم عاند قال الراجز :
( إني كبير لا أطيق العندا )
٦٠ - ﴿ وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ﴾ أي : ألحقوها وهي الإبعاد من الرحمة والطرد من الخير والمعنى أنها لازمة لهم لا تفارقهم ما داموا في الدنيا ﴿ و ﴾ أتبعوها ﴿ يوم القيامة ﴾ فلعنوا هنالك كما لعنوا في الدنيا ﴿ ألا إن عادا كفروا ربهم ﴾ أي بربهم وقال الفراء : كفروا نعمة ربهم يقال : كفرته وكفرت به : مثل شكرته وشكرت له ﴿ ألا بعدا لعاد قوم هود ﴾ أي لا زالوا مبعدين من رحمة الله والبعد : الهلاك والبعد : التباعد من الخير يقال : بعد يبعد بعدا : إذا تأخر وتباعد وبعد يبعد بعدا : إذا هلك ومنه قول الشاعر :
( لا يبعدن قومي الذين هم | سم العداة وآفة الجزر ) |
وقال النابغة :( فلا تبعدن إن المنية منهل | وكل امرئ يوما به الحال زائل ) |
ومنه قول الشاعر :( ما كان ينفعني مقال نسائهم | وقتلت دون رجالهم لا تبعد ) |
وقد تقدم أن العرب تستعمله في الدعاء بالهلاك
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة
﴿ إلا على الذي فطرني ﴾ أي خلقني وأخرج ابن عساكر عن الضحاك قال : أمسك الله عن عاد القطر ثلاث سنين فقال لهم هود :
﴿ استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ﴾ فأبوا إلا تماديا وأخرج أبو الشيخ عن هارون التيمي في قوله :
﴿ يرسل السماء عليكم مدرارا ﴾ قال : المطر وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله :
﴿ ويزدكم قوة إلى قوتكم ﴾ قال : شدة إلى شدتكم أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة في قوله :
﴿ ويزدكم قوة إلى قوتكم ﴾ قال : ولد الولد وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :
﴿ إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء ﴾ قال : أصابتك بالجنون وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصا عاديا أو سبعا ضاريا أو شيطانا ماردا فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد :
﴿ إن ربي على صراط مستقيم ﴾ قال : الحق وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله :
﴿ عذاب غليظ ﴾ قال : شديد وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله :
﴿ كل جبار عنيد ﴾ قال : المشرك وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : العنيد المشاق وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله :
﴿ وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ﴾ قال : لم يبعث نبي بعد عاد إلا لعنت على لسانه وأخرج ابن المنذر عن قتادة في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا ولعنة في الآخرة