قوله : ٦١ - ﴿ وإلى ثمود أخاهم صالحا ﴾ معطوف على ما تقدم والتقدير : وأرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا والكلام فيه وفي قوله :﴿ يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ﴾ كما تقدم في قصة هود وقرأ الحسن ويحيى بن وثاب وإلى ثمود بالتنوين في جميع المواضع واختلف سائر القراء فيه فصرفوه في موضع ولم يصرفوه في موضع فالصرف باعتبار التأويل بالحي والمنع باعتبار التأويل بالقبيلة وهكذا سائر ما يصح فيه التأويلان وأنشد سيبويه في التأنيث باعتبار التأويل بالقبيلة :

( غلب المساميح الوليد جماعة وكفى قريش المعضلات وسادها )
﴿ هو أنشأكم من الأرض ﴾ أي ابتدأ خلقكم من الأرض لأن كل بني آدم من صلب آدم وهو مخلوق من الأرض ﴿ واستعمركم فيها ﴾ أي جعلكم عمارها وسكانها من قولهم : أعمر فلان فلانا داره فهي له عمرى فيكون استفعل بمعنى أفعل : مثل استجاب بمعنى أجاب وقال الضحاك : معناه أطال أعماركم وكانت أعمارهم من ثلثمائة إلى ألف وقيل معناه : أمركم بعمارتها من بناء المساكن وغرس الأشجار ﴿ فاستغفروه ﴾ أي سلوه المغفرة لكم من عبادة الأصنام ﴿ ثم توبوا إليه ﴾ أي ارجعوا إلى عبادته ﴿ إن ربي قريب مجيب ﴾ أي قريب الإجابة لمن دعاه وقد تقدم القول فيه في البقرة عند قوله تعالى :﴿ فإني قريب أجيب دعوة الداع ﴾
٦٢ - ﴿ قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا ﴾ أي كنا نرجو أن تكون فينا سيدا مطاعا ننتفع برأيك ونسعد بسيادتك قبل هذا الذي أظهرته من ادعائك النبوة ودعوتك إلى التوحيد وقيل : كان صالح يعيب آلهتهم وكانوا يرجون رجوعه إلى دينهم فلما دعاهم إلى الله قالوا انقطع رجاؤها منك والاستفهام في قوله :﴿ أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا ﴾ للإنكار أنكروا عليه هذا النهي وأن نعبد في محل نصب بحذف الجار : أي بأن نعبد ومعنى ما يعبد آباؤنا : ما كان يعبد آباؤنا فهو حكاية حال ماضية لاستحضار الصورة ﴿ وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب ﴾ من أربته فأنا أريبه : إذا فعلت به فعلا يوجب له الريبة وهي قلق النفس وانتفاء الطمأنينة أو من أراب الرجل : إذا كان ذا ريبة والمعنى : إننا لفي شك مما تدعونا إليه من عبادة الله وحده وترك عبادة الأوثان موقع في الريب


الصفحة التالية
Icon