ثم وصفهم الله سبحانه بأنهم لا يستكبرون عن قول الحق بل هم متواضعون بخلاف اليهود فإنهم على ضد ذلك وهذه الجملة معطوفة على الجملة التي قبلها ٨٣ - ﴿ وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ﴾ معطوف على جملة ﴿ وأنهم لا يستكبرون ﴾ ﴿ تفيض من الدمع ﴾ أي تمتلئ فتفيض لأن الفيض لا يكون إلا بعد الامتلاء جعل الأعين تفيض والفائض : إنما هو الدمع قصدا للمبالغة كقولهم دمعت عينه قال امرؤ القيس :

( ففاضت دموع العين مني صبابة على النحر حتى بل دمعي محملي )
قوله :﴿ مما عرفوا من الحق ﴾ من الأولى لابتداء الغاية والثانية بيانية : أي كان ابتداء الفيض ناشئا من معرفة الحق ويجوز أن تكون الثانية تبعيضية وقرئ ﴿ ترى أعينهم ﴾ على البناء للمجهول وقوله :﴿ يقولون ربنا آمنا ﴾ استئناف مسوق لجواب سؤال مقدر كأنه قيل فما حالهم عند سماع القرآن ؟ فقال :﴿ يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين ﴾ أي آمنا بهذا الكتاب النازل من عندك على محمد وبمن أنزلته عليه فاكتبنا مع الشاهدين على الناس يوم القيامة من أمة محمد أو مع الشاهدين بأنه حق أو مع الشاهدين بصدق محمد وأنه رسولك إلى الناس


الصفحة التالية
Icon