١٥ - ﴿ واستفتحوا ﴾ معطوف على أوحى والمعنى : أنهم استنصروا بالله على أعدائهم أو سألوا الله القضاء بينهم من الفتاحة وهي الحكومة ومن المعنى الأول قوله :﴿ إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح ﴾ أي إن تستنصروا فقد جاءكم النصر ومن المعنى الثاني قوله :﴿ ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق ﴾ أي احكم والضمير في استفتحوا للرسل وقيل للكفار وقيل للفريقين ﴿ وخاب كل جبار عنيد ﴾ الجبار المتكبر الذي لا يرى لأحد عليه حقا هكذا حكاه النحاس عن أهل اللغة والعنيد المعاند للحق والمجانب له وهو مأخوذ من العند وهو الناحية : أي أخذ في ناحية معرضا قال الشاعر :
( إذا نزلت فاجعلوني وسطا | إني كبير لا أطيق العندا ) |
قال الزجاج : العنيد الذي يعدل عن القصد وبمثله قال الهروي وقال أبو عبيد : هو الذي عند وبغى وقال ابن كيسان : هو الشامخ بأنفه وقيل المراد به المعاصي وقيل الذي أبى أن يقول لا إله إلا الله ومعنى الآية : أنه خسر وهلك من كان متصفا بهذه الصفة
١٦ - ﴿ من ورائه جهنم ﴾ أي من بعده جهنم والمراد بعد هلاكه على أن وراء ها هنا بمعنى بعد ومنه قول النابغة :
( حلفت فلم أترك لنفسك ريبة | وليس وراء الله للمرء مذهب ) |
أي ليس بعد الله ومثله قوله :
﴿ ومن ورائه عذاب غليظ ﴾ أي من بعده كذا قال الفراء وقيل من ورائه : أي من أمامه قال أبو عبيد : هو من أسماء الأضداد لأن أحدهما ينقلب إلى الآخر ومنه قول الشاعر :
( ومن ورائك يوم أنت بالغه | لا حاضر معجز عنه ولا بادي ) |
وقال آخر :( أترجو بنو مروان سمعي وطاعتي | وقومي تميم والفلاة ورائيا ) |
أي أمامي ومنه قوله تعالى :
﴿ وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا ﴾ أي أمامهم وبقول أبي عبيدة هذا قال قطرب وقال الأخفش : هو كما يقال : هذا الأمر من ورائك : أي سوف يأتيك وأنا من وراء فلان أي في طلبه وقال النحاس : من ورائه : أي من أمامه وليس من الأضداد ولكنه من توارى : أي استتر فصارت جهنم من ورائه لأنها لا ترى وحكى مثله ابن الأنباري
﴿ ويسقى من ماء صديد ﴾ معطوف على مقدر جوابا عن سؤال سائل كأنه قيل فماذا يكون إذن ؟ قيل يلقى فيها ويسقى والصديد ما يسيل من جلود أهل النار واشتقاقه من الصد لأنه يصد الناظرين عن رؤيته وهو دم مختلط بقيح والصديد صفة لماء وقيل عطف بيان منه