٢٠ - ﴿ وما ذلك على الله بعزيز ﴾ أي بممتنع لأنه سبحانه قادر على كل شيء وفيه أن الله تعالى هو الحقيق بأن يرجى ثوابه ويخاف عقابه
فلذلك أتبعه بذكر أحوال الآخرة فقال : ٢١ - ﴿ وبرزوا لله جميعا ﴾ أي برزوا من قبورهم يوم القيامة والبروز الظهور والبراز المكان الواسع لظهوره ومنه امرأة برزة : أي تظهر للرجال فمعنى برزوا ظهروا من قبورهم وعبر بالماضي عن المستقبل تنبيها على تحقيق وقوعه كما هو مقرر في علم المعاني وإنما قال : وبرزوا لله مع كونه سبحانه عالما بهم لا تخفى عليه خافية من أحوالهم برزوا أو لم يبرزوا لأنهم كانوا يستترون عن العيون عند فعلهم للمعاصي ويظنون أن ذلك يخفى على الله تعالى فالكلام خارج على ما يعتقدونه ﴿ فقال الضعفاء للذين استكبروا ﴾ أي قال الأتباع الضعفاء للرؤساء الأقوياء المتكبرين لما هم فيه من الرياسة ﴿ إنا كنا لكم تبعا ﴾ أي في الدنيا فكذبنا الرسل وكفرنا بالله متابعة لكم والتبع جمع تابع أو مصدر وصف به للمبالغة أو على تقدير ذوي تبع قال الزجاج : جمعهم في حشرهم فاجتمع التابع والمتبوع فقال الضعفاء للذين استكبروا من أكابرهم عن عبادة الله إنا كنا لكم تبعا جمع تابع مثل خادم وخدم وحارس وحرس وراصد ورصد ﴿ فهل أنتم مغنون عنا ﴾ أي دافعون عنا من عذاب الله يقال أغنى عنه إذا دفع عنه الأذى وأغناه إذا أوصل إليه النفع ﴿ قالوا لو هدانا الله لهديناكم ﴾ أي قال المستكبرون مجيبين عن قول المستضعفين والجملة مستأنفة بتقدير سؤال كأنه قيل كيف أجابوا ؟ أي لو هدانا الله إلى الإيمان لهديناكم إليه وقيل لو هدانا الله إلى طريق الجنة لهديناكم إليها وقيل : لو نجانا الله من العذاب لنجيناكم منه ﴿ سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص ﴾ أي مستو علينا الجزع والصبر والهمزة وأم لتأكيد التسوية كما في قوله :﴿ سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم ﴾ ﴿ ما لنا من محيص ﴾ أي من منجا ومهرب من العذاب يقال : حاص فلان عن كذا : أي فر وزاغ يحيص حيصا وحيوصا وحيصانا والمعنى : ما لنا وجه نتباعد به عن النار ويجوز أن يكون هذا من كلام الفريقين وإن كان الظاهر أنه من كلام المستكبرين


الصفحة التالية
Icon