قوله : ٤٥ - ﴿ إن المتقين في جنات وعيون ﴾ أي المتقين للشرك بالله كما قاله جمهور الصحابة والتابعين وقيل هم الذين اتقوا جميع المعاصي في جنات وهي البساتين وعيون وهي الأنهار قرئ بضم العين من عيون على الأصل وبالكسر مراعاة للياء والتركيب يحتمل أن يكون لجميع المتقين جنات وعيون أو لكل واحد منهم جنات وعيون أو لكل واحد منهم جنة وعين
٤٦ - ﴿ ادخلوها ﴾ قرأ الجمهور بلفظ الأمر على تقدير القول : أي قيل لهم أدخلوها وقرأ الحسن وأبو العالية وروي عن يعقوب بضم الهمزة مقطوعة وفتح الخاء على أنه فعل مبني للمفعول أي أدخلهم الله إياها وقد قيل إنهم إذا كانوا في جنات وعيون فكيف يقال لهم بعد ذلك ادخلوها على قراءة الجمهور ؟ فإن الأمر لهم بالدخول يشعر بأنهم لم يكونوا فيها وأجيب بأن المعنى أنهم لما صاروا في الجنات فإذا انتقلوا من بعضها إلى بعض يقال لهم عند الوصول إلى التي أرادوا الانتقال إليها ادخلوها ومعنى ﴿ بسلام آمنين ﴾ بسلامة من الآفات وأمن من المخافات أو مسلمين على بعضهم بعضا أو مسلما عليهم من الملائكة أو من الله عز و جل
٤٧ - ﴿ ونزعنا ما في صدورهم من غل ﴾ الغل : الحقد والعداوة وقد مر تفسيره في الأعراف وانتصاب ﴿ إخوانا ﴾ على الحال : أي إخوة في الدين والتعاطف ﴿ على سرر متقابلين ﴾ أي حال كونهم على سرر وعلى صورة مخصوصة وهي التقابل ينظر بعضهم إلى وجه بعض والسرر جمع سرير - وقيل هو المجلس الرفيع المهيأ للسرور ومنه قولهم : سر الوادي لأفضل موضع منه
٤٨ - ﴿ لا يمسهم فيها نصب ﴾ أي تعب وإعياء لعدم وجود ما يتسبب عنه ذلك في الجنة لأنها نعيم خالص ولذة محضة تحصل لهم بسهولة وتوافيهم مطالبهم بلا كسب ولا جهد بل بمجرد خطور شهوة الشيء بقلوبهم يحصل ذلك الشيء عندهم صفوا عفوا ﴿ وما هم منها بمخرجين ﴾ أبدا وفي هذا الخلود الدائم وعلمهم به تمام اللذة وكمال النعيم فإن علم من هو في نعمة ولذة بانقطاعها وعدمها بعد حين موجب لتنغص نعيمه وتكدر لذته
ثم قال سبحانه بعد أن قص علينا ما للمتقين عنده من الجزاء العظيم والأجر الجزيل ٤٩ - ﴿ نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم ﴾ أي أخبرهم يا محمد أني أنا الكثير المغفرة لذنوبهم الكثير الرحمة لهم كما حكمت به على نفسي إن رحمتي سبقت غضبي اللهم اجعلنا من عبادك الذين تفضلت عليهم بالمغفرة وأدخلتهم تحت واسع الرحمة