ثم ذكر صفة أخرى من صفاتهم فقال ٢١ - ﴿ أموات غير أحياء ﴾ يعني أن هذه الأصنام أجسادها ميتة لا حياة بها أصلا فزيادة ﴿ غير أحياء ﴾ لبيان أنها ليست كبعض الأجساد التي تموت بعد ثبوت الحياة لها بل لا حياة لهذه أصلا فكيف يعبدونها وهم أفضل منها ؟ لأنهم أحياء ﴿ وما يشعرون أيان يبعثون ﴾ الضمير في يشعرون للآلهة وفي يبعثون للكفار الذين يعبدون الأصنام والمعنى : ما تشعر هذه الجمادات من الأصنام أيان يبعث عبدتهم من الكفار ويكون هذا على طريقة التهكم بهم لأن شعور الجماد مستحيل بما هو من الأمور الظاهرة فضلا عن الأمور التي لا يعلمها إلا الله سبحانه وقيل يجوز أن يكون الضمير في يبعثون للآلهة : أي وما تشعر هذه الأصنام أيان تبعث ويؤيد ذلك ما روي أن الله يبعث الأصنام ويخلق لها أرواحا معها شياطينها فيؤمر بالكل إلى النار ويدل على هذا قوله :﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ﴾ وقيل قد تم الكلام عند قوله :﴿ وهم يخلقون ﴾ ثم ابتدأ فوصف المشركين بأنهم أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون فيكون الضميران على هذا للكفار وعلى القول بأن الضميرين أو أحدهما للأصنام يكون التعبير عنها مع كونها لا تعقل بما هو للعقلاء جريا على اعتقاد من يعبدها بأنها تعقل وقرأ السلمي إيان بكسر الهمزة وهما لغتان وهو في محل نصب بالفعل الذي قبله
٢٢ - ﴿ إلهكم إله واحد ﴾ لما زيف سبحانه طريقة عبدة الأوثان صرح بما هو الحق في نفس الأمر وهو وحدانيته سبحانه ثم ذكر ما لأجله أصر الكفار على شركهم فقال :﴿ فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة ﴾ للوحدانية لا يؤثر فيها وعظ ولا ينجع فيها تذكير ﴿ وهم مستكبرون ﴾ عن قبول الحق متعظمون عن الإذعان للصواب مستمرون على الجحد
٢٣ - ﴿ لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون ﴾ قال الخليل : لا جرم كلمة تحقيق ولا تكون إلا جوابا : أي حقا أن الله يعلم ما يسرون من أقوالهم وأفعالهم وما يعلنون من ذلك وقد مر تحقيق الكلام في لا جرم ﴿ إنه لا يحب المستكبرين ﴾ أي لا يحب هؤلاء الذين يستكبرون عن توحيد الله والاستجابة لأنبيائه والجملة تعليل لما تضمنه الكلام المتقدم


الصفحة التالية
Icon