٢٧ - ﴿ وإن كان قميصه قد من دبر ﴾ أي من ورائه ﴿ فكذبت ﴾ في دعواها عليه ﴿ وهو من الصادقين ﴾ في دعواها عليها ولا يخفي أن هاتين الجملتين الشرطيتين لا تدوم لا تلازم بين مقدميهما وتالييهما لا عقلا ولا عادة وليس ها هنا إلا مجرد أمارة غير مطردة إذ من الجائز أن تجذبه إليها وهو مقبل عليها فينقد القميص من دبر وأن تجذبه وهو مدبر عنها فينقد القميص من قبل
٢٨ - ﴿ فلما رأى ﴾ أي العزيز ﴿ قميصه ﴾ أي قميص يوسف ﴿ قد من دبر قال إنه ﴾ أي هذا الأمر الذي وقع فيه الاختلاف بينكما أو أن قولك :﴿ ما جزاء من أراد بأهلك سوءا ﴾ ﴿ من كيدكن ﴾ أي من جنس كيدكن يا معشر النساء ﴿ إن كيدكن عظيم ﴾ والكيد : المكر والحيلة
ثم خاطب العزيز يوسف بقوله ٢٩ - ﴿ يوسف أعرض عن هذا ﴾ أي عن هذا الأمر الذي جرى واكتمه ولا تتحدث به ثم أقبل عليها بالخطاب فقال ﴿ واستغفري لذنبك ﴾ الذي وقع منك ﴿ إنك كنت ﴾ بسبب ذلك ﴿ من الخاطئين ﴾ أي من جنسهم والجملة تعليل لما قبلها من الأمر بالاستغفار ولم يقل من الخاطئات تغليبا للمذكر على المؤنث كما في قوله ﴿ وكانت من القانتين ﴾ ومعنى من الخاطئين من المتعمدين يقال خطىء إذا أذنب متعمدا وقيل إن القائل ليوسف ولامرأة العزيز بهذه المقالة هو الشاهد الذي حكم بينهما
وقد أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيوخ عن قتادة في قوله :﴿ وراودته التي هو في بيتها عن نفسه ﴾ قال : هي امرأة العزيز وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : راودته حين بلغ مبلغ الرجال وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله :﴿ هيت لك ﴾ قال : هلم لك تدعوه إلى نفسها وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه اقلأ : هلم لك بالقبطية وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : هي كلمة بالسريانية : أي عليك وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال : معناها تعال : وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد : إنها لغة عربية تدعوه بها إلى نفسها وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله :﴿ إنه ربي ﴾ قال : سيدي قال : يعني زوج المرأة وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : لما همت به تزينت ثم استلقت على فراشها وهم بها جلس بين رجليها يحل ثيابه فنودي من السماء يابن يعقوب لا تكن كطائر نتف ريشه فبقي لا ريش له فلم يتعظ على النداء شيئا حتى رأى برهان ربه جبريل في صورة يعقوب عاضا على أصبعه ففزع فخرجت شهوته من أنامله فوثب فأدركته فوضعت يديها في قميصه فشقته حتى بلغت عضلة ساقه فألفيا سيدها لدى الباب وأخرج أبو نعيم في الحلية عن علي بن أبي طالب في قوله :﴿ همت به وهم بها ﴾ قال : طمعت فيه وطمع فيها وكان فيه من الطمع أن هم أن يحل التكة فقامت إلى صنم لها مكلل بالدر والياقوت في ناحية البيت فسترته بثوب أبيض بينها وبينه فقال : أي شيء تصنعين ؟ فقالت : أستحي من إلهي أن يراني على هذه السوءة فقال يوسف : تستحين من صنم لا يأكل ولا يشرب ولا أستحي أنا من إلهي الذي هو قائم على كل نفس بما كسبت ؟ ثم قال : لا تناليها مني أبدا وهو البرهان الذي رأى وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله :﴿ لولا أن رأى برهان ربه ﴾ قال : مثل له يعقوب فضرب بيده في صدره فخرجت شهوته من أنامله وقد أطال المفسرون في تعيين البرهان الذي رآه واختلفت أقوالهم في ذلك اختلافا كثيرا وأخرج ابن جرير عن زيد بن ثابت : قال السيد : الزوج يعني في قوله ﴿ وألفيا سيدها لدى الباب ﴾ وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد نحوه وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله :﴿ إلا أن يسجن أو عذاب أليم ﴾ قال : القيد وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله :﴿ وشهد شاهد من أهلها ﴾ قال : صبي أنطقه الله كان في الدار وأخرج أحمد وابن جرير والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال [ تكلم أربعة وهم صغار : ابن ماشطة فرعون وشاهد يوسف وصاحب جريح وعيسى بن مريم ] وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ وشهد شاهد من أهلها ﴾ قال : كان رجلا ذا لحية وأخرج الفريابي وابن جرير وأبو الشيخ عنه قال : كان من خاصة الملك وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن قال : هو رجل له فهم وعلم وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم قال : ابن عم لها كان حكيما وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد قال : إنه ليس بإنسي ولا جني هو خلق من خلق الله قلت : ولعله لم يستحضر قوله تعالى :﴿ من أهلها ﴾


الصفحة التالية
Icon