٧ - ﴿ إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها ﴾ هذه الجملة استئناف والمعنى : إنا جعلنا ما على الأرض مما يصلح أن يكون زينة لها من الحيوانات والنبات والجماد كقوله سبحانه :﴿ هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ﴾ وانتصاب زينة على أنها مفعول ثان لجعل واللام في ﴿ لنبلوهم أيهم أحسن عملا ﴾ متعلقة بجعلنا وهي إما للغرض أو للعاقبة والمراد بالابتلاء أنه سبحانه يعاملهم معاملة لو كانت تلك المعاملة من غيره لكانت من قبيل الابتلاء والامتحان وقال الزجاج ﴿ أيهم ﴾ رفع بالابتداء إلا أن لفظه لفظ الاستفهام والمعنى : لنمتحن أهذا أحسن عملا أم ذاك ؟ قال الحسن : أيهم أزهد وقال مقاتل : أيهم أصلح فيما أوتي من العلم
ثم أعلم سبحانه أنه مبيد لذلك كله ومفنيه فقال : ٨ - ﴿ وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا ﴾ أي لجاعلون ما عليها من هذه الزينة عند تناهي عمر الدنيا صعيدا ترابا قال أبو عبيدة : الصعيد المستوي من الأرض وقال الزجاج : هو الطريق الذي لا نبات فيه قال الفراء : الجرز الأرض التي لا نبات فيها ومن قولهم : امرأة جرزا إذا كانت أكولا وسيفا جرزا إذا كان مستأصلا وجرز الجراد والشاة والإبل الأرض إذا أكلت ما عليها قال ذو الرمة :
( طوى النحز والاجراز ما في بطونها )
ومعنى النظم لا تحزن يا محمد مما وقع من هؤلاء من التكذيب فإنا قد جعلنا ما على الأرض زينة لاختبار أعمالهم وإنا لمذهبون ذلك عند انقضاء عمر الدنيا فمجازوهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله :﴿ الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ﴾ الآية قال : أنزل الكتاب عدلا قيما ﴿ ولم يجعل له عوجا ﴾ ملتبسا وأخرج ابن المنذر عن الضحاك ﴿ قيما ﴾ قال : مستقيما وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ من لدنه ﴾ أي من عنده وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي ﴿ حسنا ﴾ يعني الجنة ﴿ وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا ﴾ قال : هم اليهود والنصارى وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : اجتمع عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو جهل والنضر بن الحارث وأمية بن خلف والعاص بن وائل والأسود بن عبد المطلب وأبو البحتري في نفر من قريش وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم قد كبر عليه ما يرى من خلاف قومه إياه وإنكارهم ما جاء به من النصيحة فأحزنه حزنا شديدا فأنزل الله سبحانه :﴿ فلعلك باخع نفسك ﴾ وأخرج ابن جرير وابن المنذر عنه ﴿ باخع نفسك ﴾ يقول : قاتل نفسك وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد مثله وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي مثله وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ﴿ أسفا ﴾ قال : جزعا وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ أسفا ﴾ قال : حزنا وأخرج ابن المنذر وابن مردويه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله :﴿ إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها ﴾ قال : الرجال وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير من قوله مثله وأخرج أبو نصر السجزي في الإبانة من طريق مجاهد عن ابن عباس في الآية قال : العلماء زينة الأرض وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : هم الرجال العباد العمل لله بالطاعة وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم في التاريخ وابن مردويه عن ابن عمر قال :[ تلا رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه الآية ﴿ لنبلوهم أيهم أحسن عملا ﴾ فقلت : ما معنى ذلك يا رسول الله ؟ قال : ليبلوكم أيكم أحسن عقلا وأورع عن محارم الله وأسرعكم في طاعة الله ] وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : ليختبرهم ﴿ أيهم أحسن عملا ﴾ قال : أيهم أتم عقلا وأخرج عن الحسن ﴿ أيهم أحسن عملا ﴾ قال : أشدهم للدنيا تركا وأخرج أيضا عن الثوري قال : أزهدهم في الدنيا وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا ﴾ قال : يهلك كل شيء ويبيد وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال : الصعيد التراب والجبال التي ليس فيها زرع وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : يعني بالجرز الخراب