الإشارة بقوله : ٣٤ - ﴿ ذلك ﴾ إلى المتصف بالأوصاف السابقة قال الزجاج : ذلك الذي قال إني عبد الله عيسى ابن مريم لا ما تقوله النصارى من أنه ابن الله وأنه إله وقرأ ابن عامر وعاصم ويعقوب ﴿ قول الحق ﴾ بالنصب وقرأ الباقون بالرفع فوجه القراءة الأولى أنه منتصب على المدح أو على أنه مصدر مؤكد لقال إني عبد الله قاله الزجاج ووجه القراءة الثانية أنه نعت لعيسى : أي ذلك عيسى ابن مريم قول الحق قاله الكسائي وسمي قول الحق كما سمي كلمة الله والحق هو الله عز و جل وقال أبو حاتم : المعنى هو قول الحق وقيل التقدير : هذا لكلام قول الحق وهو من باب إضافة الموصوف إلى الصفة مثل حق اليقين وقيل الإضافة للبيان وقرئ قال الحق وروي ذلك عن ابن مسعود وقرأ الحسن قول الحق بضم القاف والقول والقول والقال والمقال بمعنى واحد و ﴿ الذي فيه يمترون ﴾ صفة لعيسى : أي ذلك عيسى ابن مريم الذي فيه يمترون قول الحق ومعنى يمترون بختلفون على أنه من المماراة أو يشكو على أنه من المرية وقد وقع الاختلاف في عيسى فقالت اليهود هو ساحر وقالت النصارى هو ابن الله
٣٥ - ﴿ ما كان لله أن يتخذ من ولد ﴾ أي ما صح ولا استقام ذلك فأن في محل رفع على أنها اسم كان قال الزجاج : من في من ولد مؤكدة تدل على نفي الواحدة والجماعة ثم نزه سبحانه نفسه فقال :﴿ سبحانه ﴾ أي تنزه وتقدس عن مقالتهم هذه ثم صرح سبحانه بما هو شأنه تعالى سلطانه لقال :﴿ إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ﴾ أى إذا قضى أمرا من الأمور فيكون حينئذ بلا تأخير وقد سبق الكلام على هذا مستوفى في البقرة وفي إيراده في هذا الموضع تبكيت عظيم للنصارى : أي من كان هذا شأنه كيف يتوهم أن يكون له ولد ؟
٣٦ - ﴿ إن الله ربي وربكم فاعبدوه ﴾ قرأ أهل المدينة وابن كثير وأبو عمرو بفتح أن وقرأ ابن عامر وأهل الكوفة بكسرها وهو من تمام كلام عيسى وقرأ أبي إن الله بغير واو قال الخليل وسيبويه : في توجيه قراءة النصب بأن المعنى : ولأن الله ربي وربكم وأجاز الفراء أن يكون في موضع خفض عطفا على الصلاة وجوز أبو عمرو بن العلاء عطفه على أمرا ﴿ هذا صراط مستقيم ﴾ أي هذا الذي ذكرته لكم من أنه ربي وربكم هو الطريق القيم الذي لا اعوجاج فيه ولا يضل سالكه
٣٧ - ﴿ فاختلف الأحزاب من بينهم ﴾ من زائدة للتوكيد والأحزاب اليهود والنصارى : أي فاختلفت الفرق من أهل الكتاب في أمر عيسى فاليهود قالوا إنه ساحر كما تقدم وقالوا إنه ابن يوسف النجار والنصارى اختلفت فرقهم فيه فقالت النسطورية منهم : هو ابن الله وقالت الملكية : ثالث ثلاثة وقالت اليعقوبية : هو الله تعالى فأفرطت النصارى وغلت وفرطت اليهود وقصرت ﴿ فويل للذين كفروا ﴾ وهم المختلفون في أمره ﴿ من مشهد يوم عظيم ﴾ أي من شهود يوم القيامة وما يجري فيه من الحساب والعقاب أو من مكان الشهود فيه أو من شهادة ذلك اليوم عليهم وقيل المعنى : فويل لهم من حضورهم المشهد العظيم الذي اجتمعوا فيه للتشاور


الصفحة التالية
Icon