وارتفاع ٥ - ﴿ الرحمن ﴾ على أنه خبر مبتدأ محذوف كما قال الأخفش ويجوز أن يكون مرتفعا على المدح أو على الابتداء وقرئ بالجر قال الزجاج على البدل ممن وجوز النحاس أن يكون مرتفعا على البدل من المضمر في خلق وجملة ﴿ على العرش استوى ﴾ في محل رفع على أنها خبر لمبتدإ محذوف أو على أنها خبر الرحمن عند من جعله مبتدأ قال أحمد بن يحيى : قال ثعلب : الاستواء الإقبال على الشيء وكذا قال الزجاج والفراء وقيل هو كناية عن الملك والسلطان والبحث في تحقيق هذا يطول وقد تقدم البحث عنه في الأعراف والذي ذهب إليه أبو الحسن الأشعري أنه سبحانه مستو على عرشه بغير حد ولا كيف وإلى هذا القول سبقه الجماهير من السلف الصالح الذي يروون الصفات كما وردت من دون تحريف ولا تأويل
٦ - ﴿ له ما في السموات وما في الأرض ﴾ أي أنه مالك كل شيء ومدبره ﴿ وما بينهما ﴾ من الموجودات ﴿ وما تحت الثرى ﴾ الثرى في اللغة التراب الندي : أي ما تحت التراب من شيء قال الواحدي : والمفسرون يقولون إنه سبحانه أراد الثرى الذي تحت الصخرة التي عليها الثور الذي تحت الأرض ولا يعلم ما تحت الثرى إلا الله سبحانه
٧ - ﴿ وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى ﴾ الجهر بالقول هو رفع الصوت به والسر ما حدث به الإنسان غيره وأسره إليه والأخفى من السر هو ما حدث به الإنسان نفسه وأخطره بباله والمعنى : إن تجهر بذكر الله ودعائه فاعلم أنه غني عن ذلك فإنه يعلم السر وما هو أخفى من السر فلا حاجة لك إلى الجهر بالقول وفي هذا معنى النهي عن الجهر كقوله سبحانه :﴿ واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ﴾ وقيل السر ما أسر الإنسان في نفسه والأخفى منه هو ما خفي على ابن آدم مما هو فاعله وهو لا يعلمه وقيل السر ما أضمره الإنسان في نفسه والأخفى منه ما لم يكن ولا أضمره أحد وقيل السر سر الخلائق والأخفى منه سر الله عز و جل وأنكر ذلك ابن جرير وقال : إن الأخفى ما ليس في سر الإنسان وسيكون في نفسه
ثم ذكر ان الموصوف بالعبادة على الوجه المذكور هو الله سبحانه المنزه عن الشريك المستحق لتسميته بالأسماء الحسنى فقال : ٨ - ﴿ الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى ﴾ فالله خبر مبتدإ محذوف : أي الموصوف بهذه الصفات الكمالية الله وجملة لا إله إلا هو مستأنفة لبيان اختصاص الإلهية به سبحانه : أي لا إله في الوجود إلا هو وهكذا جملة له الأسماء الحسنى مبينة لاستحقاقه تعالى للأسماء الحسنى وهي التسعة والتسعى التى ورد بها الحديث الصحيح
وقد تقدم بيانها في قوله سبحانه :﴿ ولله الأسماء الحسنى ﴾ من سورة الأعراف والحسنى تأنيث الأحسن والأسماء مبتدأ وخبرها الحسنى ويجوز أن يكون الله مبتدأ وخبره الجملة التي بعده ويجوز أن يكون بدلا من الضمير في يعلم