ثم قرر سبحانه أمر التوحيد بذكر قصة موسى المشتملة على القدرة الباهرة والخبر الغريب فقال : ٩ - ﴿ وهل أتاك حديث موسى ﴾ الاستفهام للتقرير ومعناه : أليس قد أتاك حديث موسى وقيل معناه : قد أتاك حديث موسى وقال الكلبي : لم يكن قد أتاه حديث موسى إذ ذاك وفي سياق هذه القصة تسلية للنبي صلى الله عليه و سلم لما يلاقيه من مشاق أحكام النبوة وتحمل أثقالها ومقاساة خطوبها وأن ذلك شأن الأنبياء قبله والمراد بالحديث القصة الواقعة لموسى
و ١٠ - ﴿ إذ رأى نارا ﴾ ظرف للحديث وقيل العامل فيه مقدر : أي اذكر وقيل يقدر مؤخرا : أي حين رأى نارا كان كيت وكيت وكانت رؤيته للنار في ليلة مظلمة لما خرج مسافرا إلى أمه بعد استئذانه لشعيب فـ لما رآه ﴿ قال لأهله امكثوا ﴾ والمراد بالأهل هنا امرأته والجمع لظاهر لفظ الأهل أو للتفخيم وقيل المراد بهم المرأة والولد والخادم ومعنى امكثوا أقيموا مكانكم وعبر بالمكث دون الإقامة لأن الإقامة تقتضي الدوام والمكث ليس كذلك وقرأ حمزة ﴿ لأهله ﴾ بضم الهاء وكذا في القصص قال النحاس وهذا على لغة من قال : مررت بهو يا رجل فجاء به على الأصل وهو جائز إلا أن حمزة خالف أصله في هذه الموضعين خاصة ﴿ إني آنست نارا ﴾ أي أبصرت يقال آنست الصوت سمعته وآنست الرجل أبصرته وقيل الإيناس الإبصار البين وقيل الإيناس مختص بإبصار ما يؤنس والجملة تعليل للأمر بالمكث ولما كان الإتيان بالقبس ووجود الهدى متوقعين بين الأمر على الرجاء فقال :﴿ لعلي آتيكم منها بقبس ﴾ أي أجيئكم من النار بقبس والقبس شعلة من النار وكذا المقباس يقال قبست منه نارا أقبس قبسا فأقبسني : أي أعطاني وكذا اقتبست قال اليزيدي : أقبست الرجل علما وقبسته نارا فإن كنت طلبتها له قلت أقبسته وقال الكسائي : أقبسته نارا وعلما سواء قال : وقبسته أيضا فيهما ﴿ أو أجد على النار هدى ﴾ أي هاديا يهديني إلى الطريق ويدلني عليها قال الفراء : أزاد هاديا فذكره بلفظ المصدر أو عبر بالمصدر لقصد المبالغة على حذف المضاف : أي ذا هدى وكلمة : أو في الموضعين لمنع الخلو دون الجمع وحرف الاستعلاء للدلالة على أن أهل النار مستعلون على أقرب مكان إليها
١١ - ﴿ فلما أتاها نودي ﴾ أي فلما أتى النار التي آنسها ﴿ نودي ﴾ من الشجرة كما هو مصرح بذلك في سورة القصص : أي من جهتها


الصفحة التالية
Icon