قوله : ١٧ - ﴿ وما تلك بيمينك يا موسى ﴾ قال الزجاج والفراء : إن تلك اسم ناقص وصلت بيمينك : أي ما التي بيمينك ؟ وروي عن الفراء أنه قال : تلك بمعنى هذه ولو قال ما ذلك لجاز : أي ما ذلك الشيء ؟ وبالأول قال الكوفيون قال الزجاج : ومعنى سؤال موسى عما في يده من العصا التنبيه له عليها لتقع المعجزة بها بعد التثبيت فيها والتأمل لها قال الفراء : ومقصود السؤال تقرير الأمر حتى يقول موسى هي عصاي لتثبيت الحجة عليه بعد ما اعترف وإلا فقد علم الله ما هي في الأزل ومحل ما الرفع على الابتداء وتلك خبره وبيمينك في محل نصب على الحال إن كانت تلك اسم إشارة على ما هو ظاهر اللفظ وإن كانت إسما موصولا كان بيمينك صلة للموصول
١٨ - ﴿ قال هي عصاي ﴾ قرأ ابن أبي إسحاق عصي على لغة هذيل وقرأ الحسن عصاي بكسر الياء لالتقاء الساكنين ﴿ أتوكأ عليها ﴾ أي أتحامل عليها في المشي وأعتمدها عند الإعياء والوقوف ومنه الاتكاء ﴿ وأهش بها على غنمي ﴾ هش بالعصا يهش هشا : إذا خبط بها الشجر ليسقط منه الورق قال الشاعر :
( أهش بالعصا على أغنامي | من ناعم الأوراك والسنام ) |
وقد وقفت على مصنف في مجلد لطيف في منافع العصا لبعض المتأخرين وذكر فيه أخبارا وأشعارا وفوائد لطيفة ونكتا رشيقة وقد جمع الله سبحانه لموسى في عصاه من البراهين العظام والآيات الجسام ما أمن به مون كيد السحرة ومعرة المعاندين واتخذها سليمان لخطبته وموعظته وطول صلاته وكان ابن مسعود صاحب عصا النبي صلى الله عليه و سلم وعنزته وكان يخطب بالقضيب وكذلك الخلفاء من بعده وكان عادة العرب العرباء أخذ العصا والاعتماد عليها عند الكلام وفي المحافل والخطب