١٩ - ﴿ قال ألقها يا موسى ﴾ هذه جملة مستأنفة جواب سؤال مقدر أمره سبحانه بإلقائها ليريه ما جعل له فيها من المعجزة الظاهرة
٢٠ - ﴿ فألقاها ﴾ موسى على الأرض ﴿ فإذا هي حية تسعى ﴾ وذلك بقلب الله سبحانه لأوصافها وأعراضها حتى صارت حية تسعى : أي تمشي بسرعة وخفة قيل كانت عصا ذات شعبتين فصار الشعبتان فما وباقيها جسم حية تنقل من مكان إلى مكان وتلتقم الحجارة مع عظم جرمها وفظاعة منظرها فلما رآها كذلك خاف وفزع وولى مدبرا ولم يعقب
فعند ذلك ٢١ - ﴿ قال ﴾ سبحانه ﴿ خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى ﴾ قال الأخفش والزجاج : التقدير إلى سيرتها مثل :﴿ واختار موسى قومه ﴾ قال : ويجوز أن يكون مصدرا لأن معنى سنعيدها سنسيرها ويجوز أن يكون المصدر بمعنى اسم الفاعل : أي سائرة أو بمعنى اسم المفعول : أي مسيرة والمعنى : سنعيدها بعد أخذك لها إلى حالتها الأولى التي هي العصوبة قيل إنه لما قيل له لا تخف بلغ من عدم الخوف إلى أن كان يدخل يده في فمها ويأخذ بلحيتها
٢٢ - ﴿ واضمم يدك إلى جناحك ﴾ قال الفراء والزجاج : جناح الإنسان عضده وقال قطرب : جناح الإنسان جنبه وعبر عن الجنب بالجناح لأنه في محل الجناح وقيل إلى بمعنى مع أي مع جناحك وجواب الأمر ﴿ تخرج بيضاء ﴾ أي تخرج يدك حال كونها بيضاء ومحل ﴿ من غير سوء ﴾ النصب على الحال : أي كائنة من غير سوء والسوء العيب كنى به عن البرص : أي تخرج بيضاء ساطعا نورها تضيء بالليل والنهار كضوء الشمس من غير برص وانتصاب ﴿ آية أخرى ﴾ على الحال أيضا : أي معجزة أخرى غير العصا وقال الأخفش : إن آية منتصبة على أنها بدل من بيضاء قال النحاس وهو قول حسن وقال الزجاج : المعنى آتيناك أو نؤتيك آية أخرى لأنه لما قال ﴿ تخرج بيضاء ﴾ دل على أنه قد آتاه آية أخرى
ثم علل سبحانه ذلك بقوله : ٢٣ - ﴿ لنريك من آياتنا الكبرى ﴾ قيل والتقدير : فعلنا ذلك لنريك ومن آياتنا متعلق بمحذوف وقع حالا والكبرى معناها العظمى وهو صفة لموصوف محذوف والتقدير : لنريك من آياتنا الكبرى : أي لنريك بهاتين الآيتين يعني اليد والعصا بعض آياتنا الكبرى فلا يلزم أن تكون اليد هي الآية الكبرى وحدها حتى تكون أعظم من العصا فيرد على ذلك أنه لم يكن في اليد إلا تغير اللون فقط بخلاف العصا فإن فيها مع تغير اللون الزيادة في الحجم وخلق الحياة والقدرة على الأمور الخارقة
ثم صرح سبحانه بالغرض المقصود من هذه المعجزات فقال : ٢٤ - ﴿ اذهب إلى فرعون ﴾ وخصه بالذكر لأن قومع تبع له ثم علل ذلك بقوله :﴿ إنه طغى ﴾ أي عصى وتكبر وكفر وتجبر وتجاوز الحد
وجملة ٢٥ - ﴿ قال رب اشرح لي صدري ﴾ مستأنفة جواب سؤال مقدر كأنه قيل فماذا قال ؟ ومعنى شرح الصدر توسيعه تضرع عليه السلام إلى ربه وأظهر عجزه بقوله :﴿ ويضيق صدري ولا ينطلق لساني ﴾


الصفحة التالية
Icon