قوله : ٥٨ - ﴿ وجاء إخوة يوسف ﴾ أي جاءوا إلى مصر من أرض كنعان ليمتاروا لما أصابهم القحط ﴿ فدخلوا ﴾ على يوسف ﴿ فعرفهم ﴾ لأنه فارقهم رجالا ﴿ وهم له منكرون ﴾ لأنهم فارقوه صبيا يباع بالدراهم في أيدي السيارة بعد أن أخرجوه من الجب ودخلوا عليه الآن وهو رجل عليه أبهة الملك ورونق الرئاسة وعنده الخدم والحشم وقيل إنهم أنكروه لكونه كان في تلكالحال على هيئة ملك مصر ولبس تاجه وتطوق بطوقه وقيل كانوا بعيدا منه فلم يعرفوه وقيل غير ذلك
٥٩ - ﴿ ولما جهزهم بجهازهم ﴾ المراد به هنا أنه أعطاهم ما طلبوه من الميرة وما يصلحون به سفرهم من العدة التي يحتاجها المسافر يقال جهزت القوم تجهيزا : إذا تكلفت لهم جهازا للسفر قال الأزهري : القراء كلهم على فتح الجيم والكسر لغة جيدة ﴿ قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم ﴾ قيل : لا بد من كلام ينشأ عنه طلبه لهم بأن يأتوه بأخ لهم من أبيهم فروي أنه لما رآهم وكلموه بالعبرانية قال لم : ما أنتم وما شأنكم فإني أنكركم ؟ فقالوا : نحن قوم من أهل الشام جئنا نمتار ولنا أب شيخ صديق نبي من الأنبياء اسمه يعقوب قال : كم أنتم ؟ قالوا عشرة وقد كنا إثني عشر فذهب أخ لنا إلى البرية فهلك وكان أحبنا إلى أبينا وقد سكن بعده إلى أخ له أصغر منه هو باق لديه يتسلى به فقال لهم حينئذ :﴿ ائتوني بأخ لكم من أبيكم ﴾ يعني أخاه بنيامين الذي تقدم ذكره وهو أخو يوسف لأبيه وأمه فوعدوه بذلك فطلب منهم أن يتركوا أحدهم رهينة عنده حتى يأتوه بالأخ الذي طلبه فاقترعوا فأصابت القرعة شمعون فخلفوه عنده ثم قال لهم :﴿ ألا ترون أني أوفي الكيل ﴾ أي أتممه وجاء بصيغة الاستقبال مع كونه قال لهم هذه المقالة بعد تجهيزهم للدلالة على أن ذلك عادته المستمرة ثم أخبرهم بما يزيدهم وثوقا به وتصديقا لقوله فقال :﴿ وأنا خير المنزلين ﴾ أي والحال أني خير المنزلين لمن نزل بي كما فعلته بكم من حسن الضيافة وحسن الإنزال قال الزجاج : قال يوسف ﴿ وأنا خير المنزلين ﴾ لأنه حين أنزلهم أحسن ضيافتهم


الصفحة التالية
Icon