٨١ - ﴿ كلوا من طيبات ما رزقناكم ﴾ أي وقلنا لهم كلوا والمراد بالطيبات المستلذات وقيل الحلال على الخلاف المشهور في ذلك وقرأ حمزة والكسائي والأعمش :﴿ قد أنجيناكم من عدوكم وواعدناكم جانب الطور ﴾ ﴿ كلوا من طيبات ما رزقناكم ﴾ بتاء المتكلم في الثلاثة وقرأ الباقون بنون العظمة فيها ﴿ ولا تطغوا فيه ﴾ والطغيان التجاوز : أي لا تتجاوزوا ما هو جائز إلى ما لا يجوز وقيل المعنى : لا تجحدوا نعمة الله فتكونوا طاغين وقيل لا تكفروا النعمة ولا تنسوا شكرها وقيل لا تعصوا المنعم : أي لا تحملنكم السعة والعافية على المعصية ولا مانع من حمل الطغيان على جميع هذه المعاني فإن كل واحد منها يصدق عليه أن طغيان ﴿ فيحل عليكم غضبي ﴾ هذا جواب النهي : أي يلزمكم غضبي وينزل بكم وهو مأخوذ من حلول الدين : أي حضور وقت أدائه ﴿ ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى ﴾ قرأ الأعمش ويحيى بن وثاب والكسائي ﴿ فيحل ﴾ بضم الحاء وكذلك قرأوا ﴿ يحلل ﴾ بضم اللام الأولى وقرأ الباقون بالكسر فيهما وهما لغتان قال الفراء : والكسر أحب إلي من الضم لأن الضم من الحلول بمعنى الوقوع ويحل بالكسر يجب وجاء التفسير بالوجوب لا بالوقوع وذكر نحو هذا أبو عبيدة وغيره ومعنى فقد هوى فقد هلك
هويا : قال الزجاج ﴿ فقد هوى ﴾ أي صار إلى الهاوية وهي قعر النار من هوى يهوي هويا : أي سقط من علو إلى سفل وهوى فلان : أي مات
٨٢ - ﴿ وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ﴾ أي لمن تاب من الذنوب التي أعظمها الشرك بالله وآمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وعمل عملا صالحا مما ندب إليه الشرع وحسنه ﴿ ثم اهتدى ﴾ أي استقام على ذلك حتى يموت كذا قال الزجاج وغيره وقيل لم يشك في إيمانه وقيل أقام على السنة والجماعة وقيل تعلم العلم ليهتدي به وقيل علم أن لذلك ثوابا وعلى تركه عقابا والأول أرجح مما بعده
٨٣ - ﴿ وما أعجلك عن قومك يا موسى ﴾ هذا حكاية لما جرى بين الله سبحانه وبين موسى عند موافاته الميقات قال المفسرون : وكانت المواعدة أن يوافي موسى وجماعة من وجوه قومه فسار موسى بهم ثم عجل من بينهم شوقا إلى ربه فقال الله له : ما أعجلك ؟ أي ما الذي حملك على العجلة حتى تركت قومك وخرجت من بينهم


الصفحة التالية
Icon