٨٩ - ﴿ أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ﴾ أي أفلا يعتبرون ويتفكرون في أن هذا العجل لا يرجع إليهم قولا : أي لا يرد عليهم جوابا ولا يكلمهم إذا كلموه فكيف يتوهمون أنه إلاه عاجز عن المكالمة فإن في ﴿ ألا يرجع ﴾ هي المخففة من الثقيلة وفيها ضمير مقدر يرجع إلى العجل ولهذا ارتفع الفعل بعدها ومنه قول الشاعر :
( في فتية من سيوف الهند قد علموا | أن هالك كل من يحفى وينتعل ) |
٩٠ - ﴿ ولقد قال لهم هارون من قبل ﴾ اللام هي الموطئة للقسم والجملة مؤكدة لما تضمنته الجملة التي قبلها من الإنكار عليهم والتوبيخ لهم : أي ولقد قال لهم هارون من قبل أن يأتي موسى ويرجع إليهم ﴿ يا قوم إنما فتنتم به ﴾ أي وقعتم في الفتنة بسبب العجل وابتليتم به وضللتم عن طريق الحق لأجله قيل ومعنى القصر المستفاد من إنما هو أن العجل صار سببا لفتنتهم لا لرشادهم وليس معناه أنهم فتنوا بالعجل لا بغيره ﴿ وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري ﴾ أي ربكم الرحمن لا العجل وأطيعوا أمري لا أمره
٩١ - ﴿ قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى ﴾ أجابوا هارون عن قوله المتقدم بهذا الجواب المتضمن لعصيانه وعدم قبول ما دعاهم إليه من الخير وحذرهم عنه من الشر : أي لن نزال مقيمين على عبادة هذا العجل حتى يرجع إلينا موسى فينظر هل يقررنا على عبادته أو ينهانا عنها فعند ذلك اعتزلهم هارون في اثني عشر ألفا من المنكرين لما فعله السامري
وقد أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله :﴿ يبسا ﴾ قال : يابسا ليس فيه ماء ولا طين وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد نحوه وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس ﴿ لا تخاف دركا ﴾ من آل فرعون ﴿ ولا تخشى ﴾ من البحر غرقا وأخرجا عنه أيضا في قوله :﴿ فقد هوى ﴾ شقي وأخرجا عنه أيضا ﴿ وإني لغفار لمن تاب ﴾ قال من الشرك ﴿ وآمن ﴾ قال : وحد الله ﴿ وعمل صالحا ﴾ قال : أدى الفرائض ﴿ ثم اهتدى ﴾ قال : لم يشكك وأخرج سعيد بن منصور والفريابي عنه أيضا ﴿ وإني لغفار لمن تاب ﴾ قال : من تاب من الذنب وآمن من الشرك وعمل صالحا فيما بينه وبين ربه ﴿ ثم اهتدى ﴾ علم أن لعمله ثوابا يجزى عليه وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ﴿ ثم اهتدى ﴾ قال : ثم استقام لزم السنة والجماعة وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبيهقي في البعث من طريق عمرو بن ميمون عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم قال : تعجل موسى إلى ربه فقال الله :﴿ وما أعجلك عن قومك يا موسى ﴾ الآية قال : فرأى في ظل العرش رجلا فعجب له فقال : من هذا يا رب ؟ قال : لا أحدثك من هو لكن سأخبرك بثلاث فيه : كان لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله ولا يعق والديه ولا يمشي بالنميمة وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن علي قال : لما نعجل موسى إلى ربه عمد السامري فجمع ما قدر عليه من حلي بني إسرائيل فضربه عجلا ثم ألقى القبضة في جوفه فإذا هو عجل جسد له خوار فقال لهم السامري : هذا إلهكم وإله موسى فقال لهم هارون يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا فلما أن رجع موسى أخذ برأس أخيه فقال له هارون ما قال فقال موسى للسامري : ما خطبك قال :﴿ قبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي ﴾ فعمد موسى إلى العجل فوضع موسى عليه المبارد فبرده بها وهو على شط نهر فما شرب أحد من ذلك الماء ممن كان يعبد ذلك العجل إلا اصفر وجهه مثل الذهب فقالوا لموسى : ما توبتنا ؟ قال : يقتل بعضكم بعضا فأخذوا السكاكين فجعل الرجل يقتل أخاه وأباه وابنه ولا يبالي بمن قتل حتى قتل منهم سبعون ألفا فأوحى الله إلى موسى مرهم فليرفعوا أيديهم فقد غفرت لمن قتل وتبت على من بقي والحكايات لهذه القصة كثيرة جدا وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ بملكنا ﴾ قال : بأمرنا وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة ﴿ بملكنا ﴾ قال : بطاقتنا وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي مثله وأخرج أيضا عن الحسن قال : بسلطاننا وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ هذا إلهكم وإله موسى فنسي ﴾ قال : فنسي موسى أن يذكر لكم أن هذا إلهه