١٣٢ - ﴿ وأمر أهلك بالصلاة ﴾ أمره الله سبحانه بأن يأمر أهله بالصلاة والمراد بهم أهل بيته وقيل جميع أمته ولم يذكر ها هنا الأمر من الله له بالصلاة بل قصر الأمر على أهله إما لكون إقامته لها أمرا معلوما أو لكون أمره بها قد تقدم في قوله :﴿ وسبح بحمد ربك ﴾ إلى آخر الآية أو لكون أمره بالأمر لأهله أمرا له ولهذا قال :﴿ واصطبر عليها ﴾ أن اصبر على الصلاة ولا تشتغل عنها بشيء من أمور الدنيا ﴿ لا نسألك رزقا ﴾ أي لا نسألك أن ترزق نفسك ولا أهلك وتشتغل بذلك عن الصلاة ﴿ نحن نرزقك ﴾ ونرزقهم ولا نكلفك ذلك ﴿ والعاقبة للتقوى ﴾ أي العاقبة المحمودة وهي الجنة لأهل التقوى على حذف المضاف كما قال الأخفش وفيه دليل على أن التقوى هي ملاك الأمر وعليها تدور دوائر الخير
١٣٣ - ﴿ وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه ﴾ أي قال كفار مكة : هلا يأتينا محمد بآية من آيات ربه كما كان يأتي بها من قبله من الأنبياء ؟ وذلك كالناقة والعصا أو هلا يأتينا محمد بآ ] ة من آيات ربه كما كان يأتي بها من قبله من الأنبياء ؟ وذلك كالناقة والعصا أو هلا يأتينا بآية من الآيات التي قد اقترحناها عليه ؟ فأجاب الله سبحانه وتعالى عليهم بقوله :﴿ أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى ﴾ يريد بالصحف الأولى التوراة والإنجيل والزبور وسائر الكتب المنزلة وفيها التصريح بنبوته والتبشير به وذلك يكفي فإن هذه الكتب المنزلة هم معترفون بصدقها وصحتها وفيها ما يدفع إنكارهم لنبوته ويبطل تعنتاتهم وتعسفاتهم وقيل المعنى : أو لم يأتهم إهلاكنا للأمم الذين كفروا واقترحوا الآيات فما يؤمنهم إن أتتهم الآيات التي اقترحوها أن يكون حالهم كحالهم وقيل المراد أو لم تأتهم آية هي أم الآيات وأعظمها في باب الإعجاز يعني القرآن فإنه برهان لما في سائر الكتب المنزلة وقرأ أبو جعفر وشيبة ونافع وأبو عمرو ويعقوب وابن أبي إسحاق وحفص ﴿ أولم تأتهم ﴾ بالتاء الفوقية وقرأ الباقون بالتحتية لأن معنى البينة البيان والبرهان فذكروا الفعل اعتبارا بمعنى البينة واختار هذه القراءة أبو عبيد وأبو حاتم قال الكسائي : ويجوز بينة بالتنوين قال النحاس : إذا نونت بينة ورفعت جعلت ما بدلا منها وإذا نصبت فعلى الحال والمعنى : أو لم يأتهم ما في الصحف الأولى مبينا وهذا على ما يقتضيه الجواز النحوي وإن لم تقع القراءة به
١٣٤ - ﴿ ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله ﴾ أي من قبل بعثة محمد صلى الله عليه و سلم أو من قبل إتيان البينة لنزول القرآن ﴿ لقالوا ﴾ يوم القيامة ﴿ ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا ﴾ أي هلا أرسلت إلينا رسولا في الدنيا ﴿ فنتبع آياتك ﴾ التي يأتي بها الرسول ﴿ من قبل أن نذل ﴾ بالعذاب في الدنيا ﴿ ونخزى ﴾ بدخول النار وقرئ نذل ونخزى على البناء للمفعول وقد قطع الله معذرة هؤلاء الكفرة بإرسال الرسول إليهم قبل إهلاكهم ولهذا حكى الله عنهم أنهم ﴿ قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء ﴾