وجملة ٦ - ﴿ ذلك بأن الله هو الحق ﴾ مستأنفة لما ذكر افتقار الموجودات إليه سبحانه وتسخيرها على وفق إرادته واقتداره قال بعد ذلك هذه المقالات وهي إثبات أنه سبحانه الحق وأنه المتفرد بإحياء الموتى وأنه قادر على كل شيء من الأشياء والمعنى : أنه المتفرد بهذه الأمور وأنها من شأنه لا يدعى غيره أنه يقدر على شيء منها فدل سبحانه بهذا على أنه الحق الحقيقي الغني المطلق وأن وجود كل موجود مستفاد منه والحق هو الموجود الذي لا يتغير ولا يزول وقيل ذو الحق على عباده وقيل الحق في أفعاله قال الزجاج : ذلك في موضع رفع : أي الأمر ما وصفه لكم وبين بأن الله هو الحق قال : ويجوز أن يكون ذلك نصبا
ثم أخبر سبحانه بأن ٧ - ﴿ الساعة آتية ﴾ أي في مستقبل الزمان قيل لا بد من إضمار فعل : أي ولتعلموا أن الساعة آتية ﴿ لا ريب فيها ﴾ أي لا شك فيها ولا تردد وجملة ﴿ لا ريب فيها ﴾ خبر ثان للساعة أو في محل نصب على الحال ثم أخبر سبحانه عن البعث فقال :﴿ وأن الله يبعث من في القبور ﴾ فيجازيهم بأعمالهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر وأن ذلك كائن لا محالة
وقد أخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه من طرق عن الحسن وغيره عن عمران بن حصين قال :[ لما نزلت ﴿ يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم ﴾ إلى قوله :﴿ ولكن عذاب الله شديد ﴾ أنزلت عليه هذه وهو في سفر فقال : أتدرون أي يوم ذلك ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قال : ذلك يوم يقول الله لآدم ابعث بعث النار قال : يا رب وما بعث النار ؟ قال : من كل ألف تسمعائة وتسعة وتسعين إلى النار وواحدا إلى الجنة فأنشأ المسلمون يبكون فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : قاربوا وسددوا وأبشروا فإنها لم تكن نبوة قط إلا كان بين يديها جاهلية فتؤخذ العدة من الجاهلية فإن تمت وإلا كملت من المنافقين وما مثلكم والأمم إلا كمثل الرقمة في ذراع الدابة أو كالشامة في جنب البعير ثم قال : إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة فكبروا ثم قال : إني أرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة فكبروا ثم قال : إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة فكبروا قال : ولا أدري قال الثلثين أم لا ] وأخرج الترمذي وصححه وابن جرير وابن المنذر عن عمران بن حصين مرفوعا نحوه وقال في آخره :[ اعملوا وأبشروا فوالذي نفس محمد بيده إنكم لمع خليقتين ما كانت مع شيء إلا كثرتاه يأجوج ومأجوج ومن مات من بني آدم ومن بني إبليس فسري عن القوم بعض الذي يجدون قال : اعملوا وأبشروا فوالذي نفس محمد بيده ما أنتم في الناس إلا كالشامة في جنب البعير أو كالرقمة في ذراع الدابة ] وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه عن أنس مرفوعا نحوه وأخرج البزار وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن أنس مرفوعا نحوه أيضا وفي الصحيحين وغيرهما عن أبي سعيد الخدري قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم فذكر نحوه وفي آخره فقال :[ من يأجوج ومأجوج ألف ومنكم واحد وهل أنتم في الأمم إلا كالشعرة السوداء في الثور الأبيض أو كالشعرة البيضاء في الثور الأسود ] وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ كتب عليه ﴾ قال : كتب على الشيطان وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد مثله ﴿ أنه من تولاه ﴾ قال : اتبعه وأخرج البخاري ومسلم وأهل السنن وغيرهم عن ابن مسعود قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو الصادق والمصدوق [ إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل الله إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسيق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ] والأحاديث في هذا الباب كثيرة جدا وأخرج ابن أبي حاتم وصححه عن ابن عباس في قوله :﴿ مخلقة وغير مخلقة ﴾ قال : المخلقة ما كان حيا وغير المخلقة ما كان سقطا وروي نحو هذا عن جماعة من التابعين وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ من كل زوج بهيج ﴾ قال : حسن وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن معاذ بن جبل قال : من علم أن الله عز و جل حق وأن الساعة آتيه لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور دخل الجنة


الصفحة التالية
Icon