٨ - قوله ﴿ ومن الناس من يجادل في الله ﴾ أي في شأن الله كقول من قال : إن الملائكة بنات الله والمسيح ابن الله وعزير ابن الله قيل نزلت في النضر بن الحارث وقيل في أبي جهل وقيل هي عامة لكل من يتصدى لإضلال الناس وإغوائهم وعلى كل حال فالاعتبار بما يدل عليه اللفظ وإن كان السبب خاصا ومعنى اللفظ : ومن الناس فريق يجادل في الله فيدخل في ذلك كل مجادل في ذات الله أو صفاته أو شرائعه الواضحة و ﴿ بغير علم ﴾ في محل نصب على الحال : أي كائنا بغير علم قيل والمراد بالعلم هو العلم الضروري وبالهدى هو العلم النظري الاستدلالي والأولى حمل العمل على العموم وحمل الهدى على معناه اللغوي وهو الإرشاد والمراد بالكتاب المنير هو القرآن والمنير النير البين الحجة الواضح البرهان وهو إن دخل تحت قوله :﴿ بغير علم ﴾ فإفراده بالذكر كإفراد جبريل بالذكر بعد ذكر الملائكة وذلك لكونه الفرد الكامل الفائق على غيره من أفراد العلم وأما من حمل العلم على الضروري والهدى على الاستدلالي فقد حمل الكتاب هنا على الدليل السمعي فتكون الآية متضمنة لنفي الدليل العقلي ضروريا كان أو استدلاليا ومتضمنة لنفي الدليل النقلي بأقسامه وما ذكرناه أولى قيل والمراد بهذا المجادل في هذه الآية هو المجادل في الآية الأولى أعني قوله ﴿ ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد ﴾ وبذلك قال كثير من المفسرين والتكرير للمبالغة في الذم كما تقول للرجل تذمه وتوبخه أنت فعلت هذا أنت فعلت هذا ؟ ويجوز أن يكون التكرير لكونه وصفه في كل آية بزيادة على ما وصفه به في الآية الأخرى فكأنه قال : ومن الناس من يجادل في الله ويتبع كل شيطان مريد بغير علم ﴿ ولا هدى ولا كتاب منير ﴾ ليضل عن سبيل الله اه وقيل الآية الأولى في المقلدين اسم فاعل والثانية في المقلدين اسم مفعول والثانية عامة في كل إضلال وجدال وانتصاب ﴿ ثاني عطفه ﴾ على الحال من فاعل يجادل والعطف الجانب وعطفا الرجل جانباه من يمين وشمال وفي تفسيره وجهان : الأول أن المراد به من يلوي عنقه مرحا وتكبرا ذكر معناه الزجاج قال وهذا يوصف به المتكبر والمعنى : ومن الناس من يجادل في الله متكبرا قال المبرد : العطف ما انثنى من العنق