١٩ - ﴿ هذان خصمان ﴾ الخصمان أحدهما أنجس الفرق اليهود والنصارى والصابئون والمجوس والذين أشركوا والخصم الآخر المسلمون فهما فريقان مختصمان قاله الفراء وغيره وقيل المراد بالخصمين الجنة والنار قالت الجنة : خلقني لرحمته وقالت النار : خلقني لعقوبته وقيل المراد بالخصمين هم الذين برزوا يوم بدر فمن المؤمنين حمزة وعلي وعبيدة ومن الكافرين عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة وقد كان أبو ذر رضي الله عنه يقسم أن هذه الآية نزلت في هؤلاء المتبارزين كما ثبت عنه في الصحيح وقال بمثل هذا جماعة من الصحابة وهم أعرف من غيرهم بأسباب النزول وقد ثبت في الصحيح أيضا هذا جماعة من الصحابة وهم أعرف من غيرهم بأسباب النزول وقد ثبت في الصحيح أيضا عن علي أنه قال : فينا نزلت هذه الآية وقرأ ابن كثير ﴿ هذان ﴾ بتشديد النون وقال سبحانه :﴿ اختصموا ﴾ ولم يقل اختصما قال الفراء : لأنهم جمع ولو قال اختصما لجاز ومعنى ﴿ في ربهم ﴾ في شأن ربهم : أي في دينه أو في ذاته أو في صفاته أو في شريعته لعباده أو في جميع ذلك ثم فصل سبحانه ما أجمله في قوله :﴿ يفصل بينهم ﴾ فقال :﴿ فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار ﴾ قال الأزهري : أي سويت وجعلت لبوسا لهم شبهت النار بالثياب لأنها مشتملة عليهم كاشتمال الثياب وعبر بالماضي عن المستقبل تنبيها على تحقق وقوعه وقيل إن هذه الثياب من نحاس قد أذيب فصار كالنار وهي السرابيل المذكورة في آية أخرى وقيل المعنى في الآية : أحاطت النار بهم وقرئ قطعت بالتخفيف ثم قال سبحانه :﴿ يصب من فوق رؤوسهم الحميم ﴾ والحميم هو الماء الحار المغلي بنار جهنم والجملة مستأنفة أو هي خبر ثان للموصول
٢٠ - ﴿ يصهر به ما في بطونهم ﴾ الصهر الإذابة والصهارة ما ذاب منه يقال صهرت الشيء فانصهر : أي أذبته فذاب فهو صهير والمعنى : أنه يذاب بذلك الحميم ما في بطونهم من الأمعاء والأحشاء ﴿ والجلود ﴾ معطوفة على ما : أي ويصهر به الجلود والجملة في محل نصب على الحال وقيل إن الجلود لا تذاب بل تحرق فيقدر فعل يناسب ذلك ويقال وتحرق به الجلود كما في قول الشاعر :
( علفتها تبنا وماء باردا )
أي وسقيتها ماء ولا يخفى أنه لا ملجئ لهذا فإن الحميم إذا كان يذيب ما في البطون فإذابته للجلد الظاهر بالأولى
٢١ - ﴿ ولهم مقامع من حديد ﴾ المقامع جمع مقمعة ومقمع قمعته ضربته بالمقمعة وهي قطعة من حديد والمعنى : لهم مقامع من حديد يضربون بها : أي للكفرة وسميت المقامع مقامع لأنها تقمع المضروب : أي تذلله قال ابن السكيت : أقمعت الرجل عني إقماعا : إذا طلع عليك فرددته عنك