واللام في ٢٨ - ﴿ ليشهدوا منافع لهم ﴾ متعلقة بقوله يأتوك وقيل بقوله وأذن والشهود الحضور والمنافع هي تعم منافع الدنيا والآخرة وقيل المراد به المناسك وقيل المغفرة وقيل التجارة كما في قوله ﴿ ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ﴾ ﴿ ويذكروا اسم الله في أيام معلومات ﴾ أي يذكروا عند ذبح الهدايا والضحايا اسم الله وقيل إن هذا الذكر كناية عن الذبح لأنه لا ينفك عنه والأيام المعلومات هي أيام النحر كما يفيد ذلك قوله :﴿ على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ﴾ وقيل عشر ذي الحجة وقد تقدم الكلام في الأيام المعلومات والمعدودات في البقرة فلا نعيده والكلام في وقت ذبح الأضحية معروف في كتب الفقه وشروح الحديث ومعنى : على ما رزقهم : على ذبح ما رزقهم من بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم وبهيمة الأنعام هي الأنعام فالإضافة في هذا كالإضافة في قولهم : مسجد الجامع وصلاة الأولى ﴿ فكلوا منها ﴾ الأمر هنا للندب عند الجمهور وذهبت طائفة إلى أن الأمر للوجوب وهذا التفات من الغيبة إلى الخطاب ﴿ وأطعموا البائس الفقير ﴾ البائس ذو البؤس وهو شدة الفقر فذكر الفقير بعده لمزيد الإيضاح والأمر هنا للوجوب وقيل للندب
٢٩ - ﴿ ثم ليقضوا تفثهم ﴾ المراد بالقضاء هنا هو التأدية : أي ليؤدوا إزالة وسخهم لأن التفث هو الوسخ والقذارة من طول الشعر والأظفار وقد أجمع المفسرون كما حكاه النيسابوري على هذا قال الزجاج : إن أهل اللغة لا يعرفون التفث وقال أبو عبيدة : لم يأت في الشعر ما يحتج به في معنى التفث وقال المبرد : أصل التفث في اللغة كل قاذورة تلحق الإنسان وقيل قضاؤه ادهانه لأن الحاج مغبر شعث لم يدهن ولم يستحد فإذا قضى نسكه وخرج من إحرامه حلق شعره وليس ثيابه فهذا هو قضاء التفث قال الزجاج : كأنه خروج من الإحرام إلى الحلال ﴿ وليوفوا نذورهم ﴾ أي ما ينذرون به من البر في حجهم والأمر للوجوب وقيل المراد بالنذور هنا أعمال الحج ﴿ وليطوفوا بالبيت العتيق ﴾ هذا الطواف هو طواف الإفاضة قال ابن جرير : لا خلاف في ذلك بين المتأولين والعتيق القديم كما يفيده قوله سبحانه :﴿ إن أول بيت وضع للناس ﴾ الآية وقد سمي العتيق لأن الله أعتقه من أن يتسلط عليه جبار وقيل لأن الله يعتق فيه رقاب المذنبين من العذاب وقيل لأنه أعتق من غرق الطوفان وقيل العتيق الكريم
وقد أخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله :﴿ والمسجد الحرام ﴾ قال : الحرم كله وهو المسجد الحرام ﴿ سواء العاكف فيه والباد ﴾ قال : خلق الله في سواء وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير مثله وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : هم في منازل مكة سواء فينبغي لأهل مكة أن يوسعوا لهم حتى يقضوا مناسكهم وقال البادي وأهل مكة سواء يعني في المنزل والحرم وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال : من أخذ من أجور بيوت مكة إنما يأكل في بطونه نارا وأخرج ابن سعد عن عمر بن الخطاب أن رجلا قال له عند المروة : يا أمير المؤمنين أقطعني مكانا لي ولعقبي فأعرض عنه عمر وقال : هو حرم الله سواء العاكف فيه والباد وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال : كان عمر يمنع أهل مكة أن يجعلوا لها أبوابا حتى ينزل الحاج في عرصات الدور وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه قال السيوطي بإسناد صحيح عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في قول الله [ ﴿ سواء العاكف فيه والباد ﴾ قال : سواء المقيم والذي يدخل ] وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :[ مكة مباحة لا تؤجر بيوتها ولا تباع رباعها ] وأخرج ابن أبي شيبة وابن ماجه عن علقمة بن نضلة قال : توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبو بكر وعمر وما تدعى رباع مكة إلا السوائب من احتاج سكن ومن استغنى أسكن رواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عيسى بن يونس عن عمر بن سعيد بن أبي حفرة عن عثمان بن أبي سليمان عن علقمة فذكره وأخرج الدارقطني عن ابن عمر مرفوعا [ من أكل كراء بيوت مكة أكل نارا ] وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن راهويه وأحمد وعبد بن حميد والبزار وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن مسعود رفعه في قوله :﴿ ومن يرد فيه بإلحاد بظلم ﴾ قال : لو أن رجلا هم فيه بإلحاد وهو بعدن أبين لأذاقه الله عذابا أليما قال ابن كثير : هذا الإسناد صحيح على شرط البخاري ووقفه أشبه من رفعه ولهذا صمم شعبة على وقفه وأخرج سعيد بن منصور والطبراني عن ابن مسعود في الآية قال : من هم بخطيئة فلم يعملها في سوى البيت لم تكتب عليه حتى يعملها ومن هم بخطيئة في البيت لم يمته الله من الدنيا حتى يذيقه من عذاب أليم وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في عبد الله بن أنيس : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعثه مع رجلين أحدهما مهاجر والآخر من الأنصار فافتخروا في الأنساب فغضب عبد الله بن أنيس فقتل الأنصاري ثم ارتد عن الإسلام وهرب إلى مكة فنزلت فيه ﴿ ومن يرد فيه بإلحاد بظلم ﴾ يعني من لجأ إلى الحرم بإلحاد يعني بميل عن الإسلام وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قول ﴿ ومن يرد فيه بإلحاد بظلم ﴾ قال : يشرك وأخرج عبد بن حميد والبخاري في تاريخه وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن يعلى بن أمية عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :[ احتكار الطعام في الحرم إلحاد فيه ] وأخرج سعيد بن منصور والبخاري في تاريخه وابن المنذر عن عمر بن الخطاب قال : احتكار الطعام بمكة إلحاد بظلم وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : بيع الطعام بمكة إلحاد وأخرج البيهقي في الشعب عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :[ احتكار الطعام بمكة إلحاد ] وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه عن علي قال : لما أمر إبراهيم ببناء البيت خرج معه إسماعيل وهاجر وذلك حين يقول الله :﴿ وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ﴾ الآية وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء ﴿ والقائمين ﴾ قال : المصلين عنده وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة معناه وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن منيع وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في السنن عن ابن عباس قال : لما فرغ إبراهيم من بناء البيت قال : رب قد فرغت فقال :﴿ أذن في الناس بالحج ﴾ قال رب وما يبلغ صوتي ؟ قال أذن وعلي البلاغ قال : رب كيف أقول ؟ قال : قل : يا أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق فسمعه من في السماء والأرض ألا ترى أنهم يجيئون من أقصى الأرض يلبون وفي الباب آثار عن جماعة من الصحابة وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس ﴿ ليشهدوا منافع لهم ﴾ قال : أسواقا كانت لهم ما ذكر الله منافع إلا الدنيا وأخرج ابن أبي حاتم عنه قال : منافع في الدنيا ومنافع في الآخرة فأما منافع الآخرة فرضوان الله وأما منافع الدنيا فمما يصيبون من لحوم البدن في ذلك اليوم والذبائح والتجارات وأخرج أبو بكر المرزوي في كتاب العيدين عنه أيضا قال : الأيام المعلومات : يوم النحر وثلاثة أيام بعده وأخرج ابن جرير عنه أيضا قال : الأيام المعلومات : يوم النحر وثلاثة أيام بعده وأخرج ابن جرير عنه أيضا قال : أيام التشريق وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عنه أيضا في الأيام المعلومات قال : قبل يوم التروية بيوم ويوم التروية ويوم عرفة وأخرج ابن جرير عنه أيضا قال : البائس الزمن وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن عمر قال : التفث المناسك كلها وأخرج هؤلاء عن ابن عباس نحوه وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : التفث خلق الرأس والأخذ من العارضين ونتف الإبط وحلق العانة والوقوف بعرفة والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار وقص الأظفار وقص الشارب والذبح وأخرج ابن جرير وابن المنذر عنه ﴿ وليطوفوا بالبيت العتيق ﴾ هو طواف الزيارة يوم النحر وورد في وجه تسمية البيت بالعتيق آثار عن جماعة من الصحابة وقد أشرنا إلى ذلك سابقا وورد في فضل الطواف أحاديث ليس هذا موضع ذكرها