ثم ذكر سبحانه دليلا بينا على كمال قدرته فقال : ٦٣ - ﴿ ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة ﴾ الاستفهام للتقرير والفاء للعطف على أنزل وارتفع الفعل بعد الفاء لكونه استفهام التقرير بمنزلة الخبر كما قاله الخليل وسيبويه قال الخليل : المعنى أنزل من السماء ماء فكان كذا وكذا كما قال الشاعر :
( ألم تسأل الربع القواء فينطق | وهل يخبرنك اليوم بيداء سملق ) |
٦٤ - ﴿ له ما في السموات وما في الأرض ﴾ خلقا وملكا وتصرفا وكلهم محتاجون إلى رزقه ﴿ وإن الله لهو الغني ﴾ فلا يحتاج إلى شيء ﴿ الحميد ﴾ المستوجب الحمد في كل حال
٦٥ - ﴿ ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض ﴾ هذه نعمة أخرى ذكرها الله سبحانه فأخبر عباده بأنه سخر لهم ما يحتاجون إليه من الدواب والشجر والأنهار وجعله لمنافعهم ﴿ والفلك ﴾ عطف على ما أو على اسم أن : أي وسخر لكم الفلك في حال جريها في البحر وقرأ عبد الرحمن الأعرج والفلك بالرفع على الابتداء وما عبده خبره وقرأ الباقون بالنصب ومعنى ﴿ تجري في البحر بأمره ﴾ أي بتقديره والجملة في محل نصب على الحال على قراءة الجمهور ﴿ ويمسك السماء أن تقع على الأرض ﴾ أي كراهة أن تقع وذلك بأنه خلقها على صفة مستلزمة للإمساك والجملة معطوفة على ﴿ تجري ﴾ ﴿ إلا بإذنه ﴾ أي بإراداته ومشيئته وذلك يوم القيامة ﴿ إن الله بالناس لرؤوف رحيم ﴾ أي كثير الرأفة والرحمة حيث سخر هذه الأمور لعباده وهيأ لهم أسباب المعاش وأمسك السماء أن تقع على الأرض فتهلكهم تفضلا منه على عباده وإنعاما عليهم