ثم وصف هؤلاء المؤمنين بقوله : ٢ - ﴿ الذين هم في صلاتهم خاشعون ﴾ وما عطف عليه والخشوع : منهم من جعله من أفعال القلوب كالخوف والرهبة ومنهم من جعله من أفعال الجوارح كالسكون وترك الالتفات والعبث وهو في اللغة السكون والتواضع والخوف والتذلل
وقد اختلف الناس في الخشوع هل هو من فرائض الصلاة أو من فضائلها ؟ على قولين : قيل الصحيح الأول وقيل الثاني وادعى عبد الواحد بن زيد إجماع العلماء على أنه ليس للعبد إلا ما عقل من صلاته حكاه النيسابوري في تفسيره قال : ومما يدل على صحة هذا القول قوله تعالى :﴿ أفلا يتدبرون القرآن ﴾ والتدبر لا يتصور بدون الوقوف على المعنى وكذا قوله :﴿ أقم الصلاة لذكري ﴾ والغفلة تضاد الذكر ولهذا قال :﴿ ولا تكن من الغافلين ﴾ وقوله :﴿ حتى تعلموا ما تقولون ﴾ نهي للسكران والمستغرق في هموم الدنيا بمنزلته
٣ - ﴿ والذين هم عن اللغو معرضون ﴾ واللغو قال الزجاج : هو كل باطل ولهو هزل ومعصية وما لا يحمل من القول والفعل وقد تقدم تفسيره في البقرة وقال الضحاك : إن اللغو هنا الشرك وقال الحسن : إنه المعاصي كلها ومعنى إعراضهم عنه : تجنبهم له وعدم التفاتهم إليه وظاهره اتصافهم بصفة الإعراض عن اللغو في كل الأوقات فيدخل وقت الصلاة في ذلك دخولا أوليا كما تفيده الجملة الإسمية وبناء الحكم على الضمير
ومعنى فعلهم للزكاة تأديتهم لها فعبر عن التأدية بالفعل لأنها مما يصدق عليه الفعل والمراد بالزكاة هنا المصدر لأنه الصادر عن الفاعل وقيل يجوز أن يراد بها العين على تقدير مضاف : أي ٤ - ﴿ والذين هم ﴾ لتأدية ﴿ للزكاة فاعلون ﴾
٥ - ﴿ والذين هم لفروجهم حافظون ﴾ الفرج يطلق على فرج الرجل والمرأة ومعنى حفظهم لها أنهم ممسكون لها بالعفاف عما لا يحل لهم وقيل والمواد هنا الرجال خاصة دون النساء بدليل قوله :﴿ إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ﴾ للإجماع على أنه لا يحل للمرأة أن يطأها من تملكه