كذلك ذكر الركوب عليها لما فيه من المنفعة العظيمة فقال :﴿ وعليها وعلى الفلك تحملون ﴾ أي وعلى الأنعام فإن أريد بالأنعام الإبل والبقر والغنم فالمراد وعلى بعض الأنعام وهي الإبل خاصة وإن أريد بالأنعام الإبل خاصة فالمعنى واضح ثم لما كانت الأنعام هي غالب ما يكون الركوب عليه في البر ضم إليها ما يكون الركوب عليه في البحر فقال :﴿ وعلى الفلك تحملون ﴾ تميما للنعمة وتكميلا للمنة
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : السلالة صفو الماء الرقيق الذي يكون منه الولد وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : إن النطفة إذا وقعت في الرحم طارت في شعر وظفر فتمكث أربعين يوما ثم تنحدر في الرحم فتكون علقة وللتابعين في تفسير السلالة أقوال قد قدمنا الإشارة إليها وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس ﴿ ثم أنشأناه خلقا آخر ﴾ قال : الشعر والأسنان وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه ﴿ ثم أنشأناه خلقا آخر ﴾ قال : نفخ فيه الروح وكذا قال مجاهد وعكرمة والشعبي والحسن وأبو العالية والربيع عن أنس والسدي والضحاك وابن زيد واختاره ابن جرير وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ﴿ ثم أنشأناه خلقا آخر ﴾ قال : حين استوى به الشباب وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن صالح أبي الخليل قال : لما نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه و سلم إلى قوله :﴿ ثم أنشأناه خلقا آخر ﴾ قال عمر :﴿ فتبارك الله أحسن الخالقين ﴾ قال : والذي نفسي بيده إنها ختمت بالذي تكلمت به يا عمر وأخرج الطيالسي وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن أنس قال : قال عمر : وافقت ربي في أربع قلت : يا رسول الله لو صلينا خلف المقام ؟ فأنزل الله ﴿ واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ﴾ وقلت : يا رسول الله لو اتخذت على نسائك حجابا فإنه يدخل عليك البر والفاجر فأنزل الله ﴿ وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ﴾ وقلت لأزواج النبي صلى الله عليه و سلم : لتنتهن أو ليبدلنه الله أزواجا خيرا منكن فنزلت ﴿ عسى ربه إن طلقكن ﴾ الآية ونزلت ﴿ ولقد خلقنا الإنسان من سلالة ﴾ إلى قوله :﴿ ثم أنشأناه خلقا آخر ﴾ فقلت أنا ﴿ فتبارك الله أحسن الخالقين ﴾ وأخرج ابن راهويه وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وابن مردويه عن زيد بن ثابت قال : أملى رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه الآية ﴿ ولقد خلقنا الإنسان ﴾ إلى قوله :﴿ خلقا آخر ﴾ فقال معاذ بن جبل ﴿ فتبارك الله أحسن الخالقين ﴾ فضحك رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال له معاذ : مم ضحكت يا رسول الله ؟ قال : بها ختمت ﴿ فتبارك الله أحسن الخالقين ﴾ وفي إسناده جابر الجعفي وهو ضعيف جدا قال ابن كثير : وفي خبره هذا نكارة شديدة وذلك أن هذه السورة مكية وزيد بن ثابت إنما كتب الوحي بالمدينة وكذلك إسلام معاذ بن جبل إنما كان بالمدينة والله أعلم وأخرج ابن مردويه والخطيب قال السيوطي بسند ضعيف عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :[ أنزل الله من الجنة إلى الأرض خمسة أنهار ] سيحون وهو نهر الهند وجيحون وهو نهر بلخ ودجلة والفرات وهما نهرا العراق والنيل وهو نهر مصر أنزلها من عين واحدة من عيون الجنة من أسفل درجة من درجاتها على جناحي جبريل فاستودعها الجبال وأجراها في الأرض وجعلها منافع للناس في أصنام معايشههم فذلك قوله :﴿ وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض ﴾ فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج أرسل الله جبريل فرفع من الأرض القرآن والعلم والحجر من ركن البيت ومقام إبراهيم وتابوت موسى بما فيه وهذه الأنهار الخمسة فيرفع كل ذلك إلى السماء فذلك قوله :﴿ وإنا على ذهاب به لقادرون ﴾ فإذا رفعت هذه الأشياء من الأرض فقد أهلها خير الدنيا والآخرة وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال : طور سيناء هو الجبل الذي نودي منه موسى وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ تنبت بالدهن ﴾ قال : هو الزيت يؤكل ويدهن به