لما ذكر سبحانه الفلك أتبعه بذكر نوح لأنه أول من صنعه وذكر ما صنعه قوم نوح معه بسبب إهمالهم للتفكر في مخلوقات الله سبحانه والتذكر لنعمه عليهم فقال : ٢٣ - ﴿ ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه ﴾ وفي ذلك تعزية لرسول الله صلى الله عليه و سلم وتسلية له ببيان أن قوم غيره من الأنبياء كانوا يصنعون مع أنبيائهم ما يصنعه قومه معه واللام جواب قسم محذوف ﴿ فقال يا قوم اعبدوا الله ﴾ أي اعبدوه وحده ولا تشركوا به شيئا كما يستفاد من الآيات الآخرة وجملة ﴿ ما لكم من إله غيره ﴾ واقعة موقع التعليل لما قبلها وارتفاع غيره لكونه وصفا لإله على المحل لأنه مبتدأ خبره لكم : أي ما لكم في الوجود إله غيره سبحانه وقرئ بالجر اعتبارا بلفظ إله ﴿ أفلا تتقون ﴾ أي أفلا تخافون أن تتركوا عبادة ربكم الذي لا يستحق العبادة غيره وليس لكم إله سواه وقيل المعنى : أفلا تقون أنفسكم عذابه الذي تقتضيه ذنوبكم
٢٤ - ﴿ فقال الملأ الذين كفروا من قومه ﴾ أي قال أشراف قومه الذين كفروا به ﴿ ما هذا إلا بشر مثلكم ﴾ أي من جنسكم في البشرية لا فرق بينكم وبينه ﴿ يريد أن يتفضل عليكم ﴾ أي يطلب الفضل عليكم بأن يسودكم حتى تكونوا تابعين له منقادين لأمره ثم صرحوا بأن البشر لا يكون رسولا فقالوا :﴿ ولو شاء الله لأنزل ملائكة ﴾ أي لو شاء الله إرسال رسول لأرسل ملائكة وإنما عبر بالإنزال عن الإرسال لأن إرسالهم إلى العباد يستلزم نزولهم إليهم ﴿ ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ﴾ أي بمثل دعوى هذا المدعي للنبوة من البشر أو بمثل كلامه وهو الأمر بعبادة الله وحده أو ما سمعنا ببشر يدعي هذه الدعوى في آبائنا الأولين : أي في الأمم الماضية قبل هذا وقيل الباء في بهذا زائدة : أي ما سمعنا هذا كائنا في الماضين قالوا هذا اعتمادا منهم على التقليد واعتصاما بحبله