ثم صرحوا بنفي البعث وأن الوعد به منه افتراء على الله فقالوا : ٣٨ - ﴿ وما نحن بمبعوثين * إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا ﴾ أي ما هو فيما يدعيه إلا مفتر للكذب على الله ﴿ وما نحن له بمؤمنين ﴾ أي بمصدقين له فيما يقوله
٣٩ - ﴿ قال رب انصرني ﴾ أي قال نبيهم لما علم بأنهم لا يصدقونه ألبتة : رب انصرني عليهم وانتقم لي منهم بسبب تكذيبهم إياي
٤٠ - ﴿ قال عما قليل ليصبحن نادمين ﴾ أي قال الله سبحانه مجيبا لدعائه واعدا له بالقبول لما دعا به : عما قليل من الزمان ليصبحن نادمين على ما وقع منهم من التكذيب والعناد والإصرار على الكفر وما في عما قليل مزيدة بين الجار والمجرور للتوكيد لقلة الزمان كما في قوله :﴿ فبما رحمة من الله ﴾
ثم أخبر سبحانه بأنها ٤١ - ﴿ أخذتهم الصيحة ﴾ وحاق بهم عذابه ونزل عليهم سخطه قال المفسرون : صاح بهم جبريل صيحة واحدة مع الريح التي أهلكهم الله بها فماتوا جميعا وقيل الصيحة : هي نفس العذاب الذي نزل بهم ومنه قول الشاعر :

( صاح الزمان بآل برمك صيحة خروا لشدتها على الأذقان )
والباء في بالحق متعلق بالأخذ ثم أخبر سبحانه عما صاروا إليه بعد العذاب النازل بهم فقال :﴿ فجعلناهم غثاء ﴾ أي كغثاء السيل الذي يحمله : والغثاء ما يحمل السيل من بالي الشجر والحشيش والقصب ونحو ذلك مما يحمله على ظاهر الماء والمعنى : صيرهم هلكى فيبسوا كما يبس الغثاء ﴿ فبعدا للقوم الظالمين ﴾ انتصاب بعدا على المصدرية وهو من المصادر التي لا يذكر فعلها معها : أي بعدوا بعدا واللام لبيان من قيل له ذلك
وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فاسلك فيها ﴾ يقول : اجعل معك في السفينة ﴿ من كل زوجين اثنين ﴾ وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ﴿ وقل رب أنزلني منزلا مباركا ﴾ قال لنوح حين أنزل من السفينة وأخرج هؤلاء عن قتادة في الآية قال : يعلمكم سبحانه كيف تقولون إذا ركبتم وكيف تقولون إذا نزلتم أما عند الركوب فـ ﴿ سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين * وإنا إلى ربنا لمنقلبون ﴾ و ﴿ بسم الله مجريها ومرساها إن ربي لغفور رحيم ﴾ وعند النزول ﴿ رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين ﴾ وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله :﴿ قرنا ﴾ قال : أمة وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ هيهات هيهات ﴾ قال : بعيد بعيد وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ فجعلناهم غثاء ﴾ قال : جعلوا كالشيء الميت البالي من الشجر


الصفحة التالية
Icon