أمر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه و سلم أن يسأل الكفار عن أمور لا عذر لهم من الاعتراف فيها ثم أمره أن ينكر عليهم بعد الاعتراف منهم ويوبخهم فقال : ٨٤ - ﴿ قل لمن الأرض ومن فيها ﴾ أي قل يا محمد لأهل مكة هذه المقالة والمراد بمن في الأرض الخلق جميعا وعبر عنهم بمن تغليبا للعقلاء ﴿ إن كنتم تعلمون ﴾ شيئا من العلم وجواب الشرط محذوف : أي إن كنتم تعلمون فأخبروني وفي هذا تلويح بجهلهم وفرط غباوتهم
٨٥ - ﴿ سيقولون لله ﴾ أي لا بد لهم أن يقولوا ذلك لأنه معلوم ببديهة العقل ثم أمره سبحانه أن يقول لهم بعد اعترافهم ﴿ أفلا تذكرون ﴾ ترغيبا لهم في التدبر وإمعان النظر والفكر فإن ذلك مما يقودهم إلى اتباع الحق وترك الباطل لأن من قدر على ذلك ابتداء قدر على إحياء الموتى
٨٦ - ﴿ قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم * سيقولون لله ﴾ جاء سبحانه باللام نظرا إلى معنى السؤال فإن قولك : من ربه ولمن هو في معنى واحد كقولك : من رب هذه الدار ؟ فيقال زيد ويقال لزيد
وقرأ أبو عمرو وأهل العراق ٨٧ - ﴿ سيقولون الله ﴾ بغير لام نظرا إلى لفظ السؤال وهذه القراءة أوضح من قراءة الباقين باللام ولكنه يؤيد قراءة الجمهور أنها مكتوبة في جميع المصاحف باللام بدون ألف
وهكذا في قوله : ٨٨ - ﴿ قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون * سيقولون لله ﴾ باللام نظرا إلى معنى السؤال كما سلف وقرأ أبو عمرو وأهل العراق بغير لام نظرا إلى لفظ السؤال ومثل هذا قول الشاعر :

( إذا قيل من رب المزالف والقرى ورب الجياد الجرد قيل لخالد )
أي لمن المزالف والملكوت الملك وزيادة التاء للمبالغة نحو جبروت ورهبوت ومعنى ﴿ وهو يجير ﴾ أنه يغيث غيره إذا شاء ويمنعه ﴿ ولا يجار عليه ﴾ أي لا يمنع أحدا أحدا من عذاب الله ولا يقدر على نصره وإغاثته يقال أجرت فلانا : إذا استغاث بك فحميته وأجرت عليه : إذا حميت عنه
٨٩ - ﴿ قل فأنى تسحرون ﴾ قال الفراء والزجاج : أي تصرفون عن الحق وتخدعون والمعنى : كيف يخيل لكم الحق باطلا والصحيح فاسدا والخادع لهم هو الشيطان أو الهوى أو كلاهما


الصفحة التالية
Icon