١٠١ - ﴿ فإذا نفخ في الصور ﴾ قيل هذه هي النفخة الأولى وقيل الثانية وهذا أولى وهي النفخة التي تقع بين البعث والنشور وقيل المعنى فإذا نفخ في الأجساد أرواحها على أن الصور جمع صورة لا القرن ويدل على هذا قراءة ابن عباس والحسن الصور بفتح الواو مع ضم الصاد جمع صورة وقرأ أبو رزين بفتح الصاد والواو وقرأ الباقون بضم الصاد وسكون الواو وهو القرن الذي ينفخ فيه ﴿ فلا أنساب بينهم يومئذ ﴾ أي لا يتفاخرون بالأنساب ويذكرونها لما هم فيه من الحيرة والدهشة ﴿ ولا يتساءلون ﴾ أي لا يسأل بعضهم بعضا فإن لهم إذ ذاك شغلا شاغلا ومنه قوله تعالى :﴿ يوم يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه * وصاحبته وبنيه ﴾ وقوله :﴿ ولا يسأل حميم حميما ﴾ ولا ينافي هذا ما في الآية الأخرى من قوله :﴿ وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ﴾ فإن ذلك محمول على اختلاف المواقف يوم القيامة فالإثبات باعتبار بعضها والنفي باعتبار بعض آخر كما قررناه في نظائر هذا مما أثبت تارة ونفي أخرى
١٠٢ - ﴿ فمن ثقلت موازينه ﴾ أي موزوناته من أعماله الصالحة ﴿ فأولئك هم المفلحون ﴾ أي الفائزون بمطالبهم المحبوبة الناجون من الأمور التي يخافونها
١٠٣ - ﴿ ومن خفت موازينه ﴾ وهي أعماله الصالحة ﴿ فأولئك الذين خسروا أنفسهم ﴾ أي ضيعوا وتركوا ما ينفعها ﴿ في جهنم خالدون ﴾ هذا بدل من صلة الموصول أو خبر ثان لاسم الإشارة وقد تقدم الكلام على هذه الآية مستوفى فلا نعيده
وجملة ١٠٤ - ﴿ تلفح وجوههم النار ﴾ مستأنفة ويجوز أن تكون في محل نصب على الحال أو تكون خبرا آخر لأولئك واللفح الإحراق يقال لفحته النار إذا أحرقته ولفحته بالسيف : إذا ضربته وخص الوجوه لأنها أشرف الأعضاء ﴿ وهم فيها كالحون ﴾ هذه الجملة في محل نصب على الحال والكالح الذي قد تشمرت شفتاه وبدت أسنانه قاله الزجاج ودهر كالح : أي شديد قال أهل اللغة : الكلوح تكنيز في عبوس
وجملة ١٠٥ - ﴿ ألم تكن آياتي تتلى عليكم ﴾ هي على إضمار القول : أي يقال لهم ذلك توبيخا وتقريعا : أي ألم تكن آياتي تتلى عليكم في الدنيا ﴿ فكنتم بها تكذبون ﴾
وجملة ١٠٦ - ﴿ قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا ﴾ مستأنفة جواب سؤال مقدر : أي غلبت علينا لذاته وشهواتنا فسمى ذلك شقوة لأنه يؤول إلى الشقاء قرأ أهل المدينة أبو عمرو وعاصم ﴿ شقوتنا ﴾ وقرأ الباقون ﴿ شقوتنا ﴾ وهذه القراءة مروية عن ابن مسعود والحسن ﴿ وكنا قوما ضالين ﴾ أي بسبب ذلك فإنهم ضلوا عن الحق بتلك الشقوة


الصفحة التالية
Icon