قوله : ٢٥ - ﴿ ويوم تشقق السماء بالغمام ﴾ وصف سبحانه ها هنا بعض حوادث يوم القيامة والتشقق التفتح قرأ عاصم والأعمش ويحيى بن وثاب وحمزة والكسائي وأبو عمرو ﴿ تشقق ﴾ بتخفيف الشين وأصله تتشقق وقرأ الباقون بتشديد الشين على الإدغام واختار القراءة الأولى أبو عبيد واختار الثانية أبو حاتم ومعنى تشققها بالغمام : أنها تتشقق عن الغمام قال أبو علي الفارسي : تشقق السماء وعليها غمام كما تقول : ركب الأمير بسلاحه : أي وعليه سلاحه وخرج بثيابه : أي وعليه ثيابه ووجه ما قاله أن الباء وعن يتعاقبان كما تقول : رميت بالقوس وعن القوس وروي أن السماء تتشقق عن سحاب رقيق أبيض وقيل إن السماء تتشقق بالغمام الذي بينها وبين الناس والمعنى : أنه يتشقق السحاب بتشقق السماء وقيل إنها تشقق لنزول الملائكة كما قال سبحانه بعد هذا ﴿ ونزل الملائكة تنزيلا ﴾ وقيل إن الباء في بالغمام سببية : أي بسبب الغمام يعني بسبب طلوعه منها كأنه الذي تتشقق به السماء وقيل إن الباء متعلقة بمحذوف : أي متلبسة بالغمام قرأ ابن كثير ﴿ ننزل الملائكة ﴾ مخففا من الإنزال بنون بعدها نون ساكنة وزاي مخففة بكسرة مضارع أنزل والملائكة منصوبة على المفعولية وقرأ الباقون من السبعة ﴿ ونزل ﴾ بضم النون وكسر الزاي المشددة ماضيا مبنيا للمفعول وقرأ ابن مسعود وأبو رجاء نزل بالتشديد ماضيا مبنيا للفاعل وفاعله الله سبحانه وقرأ أبي بن كعب أنزل الملائكة وروي عنه أنه قرأ تنزلت الملائكة وقد قرئ في الشواذ بغير هذه وتأكيد هذا الفعل بقوله تنزيلا يدل على أن هذا التنزيل على نوع غريب ونمط عجيب قال أهل العلم : إن هذا تنزيل رضا ورحمة لا تنزيل سخط وعذاب
٢٦ - ﴿ الملك يومئذ الحق للرحمن ﴾ الملك مبتدأ والحق صفة له وللرحمن الخبر كذا قال الزجاج : أي الملك الثابت الذي لا يزول للرحمن يومئذ لأن الملك الذي يزول وينقطع ليس بملك في الحقيقة وفائدة التقييد بالظرف أن ثبوت الملك المذكور له سبحانه خاصة في هذا اليوم وأما فيما عداه من أيام الدنيا فلغيره ملك في الصورة وإن لم يكن حقيقيا وقيل إن خبر المبتدأ هو الظرف والحق نعت للملك والمعنى : الملك الثابت للرحمن خاص في هذا اليوم ﴿ وكان يوما على الكافرين عسيرا ﴾ أي وكان هذا اليوم مع كون الملك فيه لله وحده شديدا على الكفار لما يصابون به فيه وينالهم من العقاب بعد تحقيق الحساب وأما على المؤمنين فهو يسير غير عسير لما ينالهم فيه من الكرامة والبشرى العظيمة
٢٦ - ﴿ ويوم يعض الظالم على يديه ﴾ الظرف منصوب بمحذوف : أي واذكر كما انتصب بهذا المحذوف الظرف الأول أعني يوم تشقق ويوم يعض الظالم على يديه الظاهر أن العض هنا حقيقة ولا مانع من ذلك ولا موجب لتأويله وقيل هو كناية عن الغيظ والحسرة والمراد بالظالم كل ظالم يرد ذلك المكان وينزل ذلك المنزل ولا ينافيه ورود الآية على سبب خاص فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ﴿ يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا ﴾ يقول في محل نصب على الحال ومقول القول هو : يا ليتني إلخ والمنادى محذوف : أي يا قوم ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا طريقا وهو طريق الحق ومشيت فيه حتى أخلص من هذه الأمور المضلة والمراد اتباع النبي صلى الله عليه و سلم فيما جاء به