٢٨ - ﴿ يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا ﴾ دعاء على نفسه بالويل والثبور على مخاللة الكافر الذي أضله في الدنيا وفلان كناية عن الأعلام قال النيسابوري : زعم بعض أئمة اللغة أنه لم يثبت استعمال فلان في الفصيح إلا حكاية لا يقال جاءني فلان ولكن يقال : قال زيد جاءني فلان لأنه اسم اللفظ الذي هو علم الاسم وكذلك جاء في كلام الله وقيل فلان كناية عن علم ذكور من يعقل وفلانة عن علم إناثهم وقيل كناية عن نكرة من يعقل من الذكور وفلانة عمن يعقل من الإناث وأما الفلان والفلانة فكناية عن غير العقلاء وفل يختص بالنداء إلا في ضرورة كقول الشاعر :
( في لجة أمسك فلانا عن فل )
وقوله :
( حدثاني عن فلان وفل )
وليس فل مرخما من فلان خلافا للفراء وزعم أبو حيان أن ابن عصفور وابن مالك وهما في جعل فلان كناية علم من يعقل وقرأ الحسن يا ويلتي بالياء الصريحة وقرأ الدوري بالإمالة قال أبو علي : وترك الإمالة أحسن لأن أصل هذه اللفظة الياء فأبدلت الكسرة فتحة والياء تاء فرارا من الياء فمن أمال رجع إلى الذي فر منه
٢٩ - ﴿ لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني ﴾ أي والله لقد أضلني هذا الذي اتخذته خليلا عن القرآن أو عن الموعظة أو كلمة الشهادة أو مجموع ذلك بعد إذ جاءني وتمكنت منه وقدرت عليه ﴿ وكان الشيطان للإنسان خذولا ﴾ الخذل ترك الإغاثة ومنه خذلان إبليس للمشركين حيث يوالونه ثم يتركهم عند استغاثتهم به وهذه الجملة مقررة لمضمون ما قبلها ويحتمل أن تكون من كلام الله تعالى أو من تمام كلام الظالم وأنه سمى خليله شيطانا بعد أن جعله مضلا أو أراد بالشيطان إبليس لكونه الذي حلمه على مخاللة المضلين
٣٠ - ﴿ وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ﴾ معطوف على ﴿ وقال الذين لا يرجون لقاءنا ﴾ والمعنى إن قومي اتخذوا هذا القرآن الذي جئت به إليهم وأمرتني بإبلاغه وأرسلتني به مهجورا متروكا لم يؤمنوا به ولا قبلوه بوجه من الوجوه وقيل هو من هجر إذا هدي والمعنى : أنهم اتخذوه هجرا وهذيانا وقيل معنى مهجورا مهجورا فيه ثم حذف الجار وهجرهم فيه قولهم : إنه سحر وشعر وأساطير الأولين وهذا القول يقوله الرسول صلى الله عليه و سلم يوم القيامة وقيل إنه حكاية لقوله صلى الله عليه و سلم في الدنيا