٥٦ - ﴿ وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا ﴾ أي مبشرا للمؤمنين بالجنة ومنذرا للكافرين بالنار
٥٧ - ﴿ قل ما أسألكم عليه من أجر ﴾ أي قل لهم يا محمد : ما أسألكم على القرآن من أجر أو على تبليغ الرسالة المدلول عليه بالإرسال والاستثناء في قوله :﴿ إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا ﴾ منقطع : أي لكن من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا فليفعل وقيل هو متصل والمعنى : إلا من شاء أن يتقرب إليه سبحانه بالطاعة وصور ذلك بصورة الأجر من حيث أنه مقصود الحصول ولما بين سبحانه أن الكفار متظاهرون على رسول الله وأمره أن لا يطلب منهم أجرا ألبتة أمره أن يتوكل عليه في دفع المضار وجلب المنافع
فقال : ٥٨ - ﴿ وتوكل على الحي الذي لا يموت ﴾ وخص صفة الحياة إشارة إلى أن الحي هو الذي يوثق به في المصالح ولا حياة على الدوام إلا لله سبحانه دون الأحياء المنقطعة حياتهم فإنهم إذا ماتوا ضاع من يتوكل عليهم والتوكل اعتماد العبد على الله في كل الأمور ﴿ وسبح بحمده ﴾ أي نزهه عن صفات النقصان وقيل معنى سبح صل والصلاة تسمى تسبيحا ﴿ وكفى به بذنوب عباده خبيرا ﴾ أي حسبك وهذه كلمة يراد بها المبالغة كقولك : كفى بالله ربا والخبير المطلع على الأمور بحيث لا يخفى عليه منها شيء ثم زاد في المبالغة
فقال : ٥٩ - ﴿ الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ﴾ قد تقدم تفسير هذا في الأعراف والموصول في محل جر على أنه صفة للحي وقال بينهما ولم يقل بينهن لأنه أراد النوعين كما قال القطامي :
( ألم يحزنك أن جبال قيس | وتغلب قد تباتتا انقطاعا ) |
( وقائلة خولان فانكح فتاتهم )
وقرأ زيد بن علي الرحمن بالجر على أنه نعت للحي أو للموصول ﴿ فاسأل به خبيرا ﴾ الضمير في به يعود إلى ما ذكر من خلق السموات والأرض والاستواء على العرش والمعنى : فاسأل بتفاصيل ما ذكر إجمالا من هذه الأمور وقال الزجاج والأخفش : الباء بمعنى عن : أي فاسأل عنه كقوله :﴿ سأل سائل بعذاب واقع ﴾ وقول امرئ القيس :
( هلا سألت الخيل يا ابنة مالك | إن كنت جاهلة بما لم تعلم ) |
( فإن تسألوني بالنساء فإنني | خبير بأدواء النساء طبيب ) |