فقال : ٧ - ﴿ أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم ﴾ الهمزة للتوبيخ والواو للعطف على مقدر كما في نظائره فنبه سبحانه على عظمته وقدرته وأن هؤلاء المكذبين المستهزئين لو نظروا لعلموا أنه سبحانه الذي يستحق أن يعبد والمراد بالزوج هنا الصنف وقال الفراء : هو اللون وقال الزجاج : معنى زوج نوع وكريم محمود والمعنى : من كل زوج نافع لا يقدر على إنباته إلا رب العالمين والكريم في الأصل : الحسن الشريف يقال نخلة كريمة : أي كثيرة الثمرة ورجل كريم : شريف فاضل وكتاب كريم : إذا كان مرضيا في معانيه والنبات الكريم هو المرضي في منافعه قال الشعبي : الناس مثل نبات الأرض فمن صار منهم إلى الجنة فهو كريم ومن صار منهم إلى النار فهو لئيم
والإشارة بقوله : ٨ - ﴿ إن في ذلك لآية ﴾ إلى المذكور قبله : أي إن فيما ذكر من الإنبات في الأرض لدلالة بينة وعلامة واضحة على كمال قدرة الله سبحانه وبديع صنعته ثم أخبر سبحانه بأن أكثر هؤلاء مستمر على ضلالته مصمم على جحوده وتكذيبه واستهزائه فقال :﴿ وما كان أكثرهم مؤمنين ﴾ أي سبق علمي فيهم أنهم يسكونون هكذا وقال سيبويه : إن كان هنا صلة أن
٩ - ﴿ وإن ربك لهو العزيز الرحيم ﴾ أي الغالب القاهر لهؤلاء بالانتقام منهم مع كونه كثير الرحمة ولذلك أمهلهم ولم يعاجلهم بالعقوبة أو المعنى : أنه منتقم من أعدائه رحيم بأوليائه
وجملة ١٠ - ﴿ وإذ نادى ربك موسى ﴾ إلخ مستأنفة مسوقة لتقرير ما قبلها من الإعراض والتكذيب والاستهزاء والعامل في الظرف محذوف تقديره واتل إذ نادى أو اذكر والنداء الدعاء و أن في قوله :﴿ أن ائت القوم الظالمين ﴾ يجوز أن تكون مفسرة وأن تكون مصدرية ووصفهم بالظلم لأنهم جمعوا بين الكفر الذي ظلموا به أنفسهم وبين المعاصي التي ظلموا بها غيرهم كاستعباد بني إسرائيل وذبح أبنائهم
وانتصاب ١١ - ﴿ قوم فرعون ﴾ على أنه بدل أو عطف بيان من القوم الظالمين ومعنى ﴿ ألا يتقون ﴾ ألا يخافون عقاب الله سبحانه فيصرفون عن أنفسهم عقوبة الله بطاعته وقيل المعنى : قل لهم ألا تتقون وجاء بالياء التحتية لأنه غيب وقت الخطاب وقرأ عبيد بن عمير وأبو حازم ألا تتقون بالفوقية : أي قل لهم ذلك ومثله ﴿ قل للذين كفروا ستغلبون ﴾ بالتحتية والفوقية
١٢ - ﴿ قال رب إني أخاف أن يكذبون ﴾ أي قال موسى هذه المقالة والمعنى : أخاف أن يكذبوني في الرسالة ﴿ ويضيق صدري ولا ينطلق لساني ﴾ معطوفان على أخاف : أي يضيق صدري لتكذيبهم إياي ولا ينطلق لساني بتأدية الرسالة
قرأ الجمهور برفع ١٣ - ﴿ يضيق ﴾ ﴿ ولا ينطلق ﴾ بالعطف على أخاف كما ذكرنا أو على الاستئناف وقرأ يعقوب وعيسى بن عمر وأبو حيرة بنصبهما عطفا على يكذبون قال الفراء : كلا القراءتين له وجه قال النحاس الوجه : الرفع لأن النصب عطف على يكذبون وهذا بعيد ﴿ فأرسل إلى هارون ﴾ أي أرسل إليه جبريل بالوحي ليكون معي رسولا موازرا مظاهرا معاونا ولم يذكر الموازرة هنا لأنها معلومة من غير هذا الموضع كقوله في طه ﴿ واجعل لي وزيرا ﴾ وفي القصص ﴿ أرسله معي ردءا يصدقني ﴾ وهذا من موسى عليه السلام من باب طلب المعاونة له بإرسال أخيه لا من باب الاستعفاء من الرسالة ولا من التوقف عن المسارعة بالامتثال


الصفحة التالية
Icon