٥٦ -﴿ وإنا لجميع حاذرون ﴾ قرئ حذرون وحاذرون وحذرون بضم الذال حكى ذلك الأخفش قال الفراء : الحاذر الذي يحذرك الآن والحذر المخلوق كذلك لا تلقاه إلا حذرا وقال الزجاج : الحاذر المستعد والحذر المتيقظ وبه قال الكسائي ومحمد بن يزيد قال النحاس : حذرون قراءة المدنيين وأبي عمرو وحاذرون قراءة أهل الكوفة قال : وأبو عبيدة يذهب إلى أن معنى حذرون وحاذرون واحد وهو قول سيبويه وأنشد سيبويه :
( حذر أمورا لا تضير وحاذر
ما ليس ينجيه من الأقدار )
٥٧ -﴿ فأخرجناهم من جنات وعيون ﴾ ٥٨ -﴿ وكنوز ومقام كريم ﴾ يعني فرعون وقومه أخرجهم الله من أرض مصر وفيها الجنات والعيون والكنوز وهي جمع جنة وعين وكنز والمراد بالكنوز الخزائن وقيل الدفائن وقيل الأنهار وفيه نظر لأن العيون المراد بها عند جمهور المفسرين عيون الماء فيدخل تحتها الأنهار
واختلف في المقام الكريم فقيل المنازل الحسان وقيل المنابر وقيل مجالس الرؤساء والأمراء وقيل مرابط الخيل والأول أظهر ومن ذلك قول الشاعر :
( وفيهم مقامات حسان وجوهها
وأندية ينتابها القول والفعل )
٥٩ -﴿ كذلك وأورثناها بني إسرائيل ﴾ يحتمل أن يكون كذلك في محل نصب : أي أخرجناهم مثل ذلك الإخراج الذي وصفنا ويحتمل أن يكون في محل جر على الوصفية : أي مقام كريم مثل ذلك المقام الذي كان لهم ويحتمل الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف : أي الأمر كذلك : ومعنى وأورثناها بني إسرائيل جعلناها ملكا لهم وهو معطوف على فأخرجناهم
٦٠ -﴿ فأتبعوهم مشرقين ﴾ قراءة الجمهور بقطع الهمزة وقرأ الحسن والحارث الديناري بوصلها وتشديد التاء : أي فلحقوهم حال كونهم مشرقين : أي داخلين في وقت الشروق يقال شرقت الشمس شروقا إذا طلعت كأصبح وأمسى : أي دخل في هذين الوقتين وقيل داخلين نحو المشرق كأنجد وأتهم وقيل معنى مشرقين مضيئين قال الزجاج : يقال شرقت الشمس إذا طلعت وأشرقت إذا أضاءت
٦١ -﴿ فلما تراء الجمعان ﴾ قرأ الجمهور ﴿ تراء ﴾ بتخفيف الهمزة وقرأ ابن وثاب والأعمش من غير همز والمعنى : تقابلا بحيث يرى كل فريق صاحبه وهو تفاعل من الرؤية وقرئ تراءت الفئتان ﴿ قال أصحاب موسى إنا لمدركون ﴾ أي سيدركنا جمع فرعون ولا طاقة لنا بهم قرأ الجمهور ﴿ إنا لمدركون ﴾ اسم مفعول من أدرك ومنه ﴿ حتى إذا أدركه الغرق ﴾ وقرأ الأعرج وعبيد بن عمير بفتح الدال مشددة وكسر الراء قال الفراء : هما بمعنى واحد قال النحاس : ليس كذلك يقول النحويون الحذاق إنما يقولون مدركون بالتخفيف ملحقون وبالتشديد مجتهدون في لحاقهم قال : وهذا معنى قول سيبويه وقال الزمخشري : إن معنى هذه القراءة إنا لمتتابعون في الهلاك على أيديهم حتى لا يبقى منا أحد
الصفحة التالية