قوله : ٦٩ - ﴿ واتل عليهم ﴾ معطوف على العامل في قوله :﴿ وإذ نادى ربك موسى ﴾ وقد تقدم والمراد بنبأ إبراهيم خبره : أي أقصص عليهم يا محمد خبر إبراهيم وحديثه
و ٧٠ - ﴿ وإذ قال ﴾ منصوب بنبأ إبراهيم : أي وقت قوله :﴿ لأبيه وقومه ما تعبدون ﴾ وقيل إذ بدل من نبأ بد اشتمال فيكون العامل فيه اتل والأول أولى ومعنى ما تعبدون : أي شيء تعبدون ؟ وهو يعلم أنهم يعبدون الأصنام ولكنه أراد إلزامهم الحجة
٧١ - ﴿ قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين ﴾ أي فنقيم على عبادتها مستمرا لا في وقت معين يقال ظل يفعل كذا : إذا فعله نهارا وبات يفعل ليلا فظاهره أنهم يستمرون على عبادتها نهارا لا ليلا والمراد من العكوف لها الإقامة على عبادتها وإنما قال لها لإفادة أن ذلك العكوف لأجلها فلما قالوا هذه المقالة قال إبراهيم منبها على فساد مذهبهم
٧٢ - ﴿ هل يسمعونكم إذ تدعون ﴾ قال الأخفش : فيه حذف والمعنى : هل يسمعون منكم أو هل يسمعون دعاءكم وقرأ قتادة هل يسمعونكم بضم الياء أي هل يسمعونكم أصواتهم وقت دعائكم لهم
٧٣ - ﴿ أو ينفعونكم ﴾ بوجه من وجوه النفع ﴿ أو يضرون ﴾ أي يضرونكم إذا تركتم عبادتهم وهذا الاستفهام للتقرير فإنها إذا كانت لا تسمع ولا تنفع ولا تضر فلا وجه لعبادتها فإذا قالوا نعم هي كذلك أقروا بأن عبادتهم لها من باب اللعب والعبث وعند ذلك تقوم الحجة عليهم فلما أورد عليهم الخليل هذه الحجة الباهرة لم يجدوا لها جوابا إلا رجوعهم إلى التقليد البحت وهو أنهم وجدوا آباءهم كذلك يفعلون : أي يفعلون لهذه العبادة لهذه الأصنام مع كونها بهذه الصفة التي هي سلب السمع والنفع والضر عنها وهذا الجواب هو العصا التي يتوكأ عليها كل عاجز ويمشي بها كل أعرج ويغتر بها كل مغرور وينخدع لها كل مخدوع فإنك لو سألت الآن هذه المقلدة للرجال التي طبقت الأرض بطولها والعرض وقلت لهم : ما الحجة لهم على تقليد فرد من أفراد العلماء والأخذ بكل ما يقوله في الدين ويبتدعه من الرأي المخالف للدليل لم يجدوا غير هذا الجواب ولا فاهوا بسواه وأخذوا يعددون عليك من سبقهم إلى تقليد هذا من سلفهم واقتداء بأقواله وأفعاله وهم قد ملأوا صدورهم هيبة وضاقت أذهانهم عن تصورهم وظنوا أنهم خير أهل الأرض وأعلمهم وأروعهم فلم يسمعوا لناصح نصحا ولا لداع إلى الحق دعاء ولو فظنوا لوجدوا أنفسهم في غرور عظيم وجهل شنيع وإنهم كالبهيمة العمياء وأولئك الأسلاف كالعمي الذين يقودون البهائم العمين كما قال الشاعر :
( كبهيمة عمياء قاد زمامها | أعمى على عوج الطريق الحائر ) |