١٣٧ - ﴿ إن هذا إلا خلق الأولين ﴾ أي ما هذا الذي جئتنا به ودعوتنا إليه من الدين إلا خلق الأولين : أي عادتهم التي كانوا عليها وقيل المعنى : ما هذا الذي جئتنا به ودعوتنا إليه من الدين إلا خلق الأولين وعادتهم وهذا بناء على ما قاله الفراء وغيره : إن معنى خلق الأولين عادة الأولين قال النحاس : خلق الأولين عند الفراء بمعنى عادة الأولين وحكى لنا محمد بن الوليد عن محمد بن يزيد قال ﴿ خلق الأولين ﴾ مذهبهم وما جرى عليه أمرهم والقولان متقاربان قال : وحكى لنا محمد بن يزيد أن معنى ﴿ خلق الأولين ﴾ تكذيبهم قال مقاتل : قالوا ما هذا الذي تدعونا إليه إلا كذب الأولين قال الواحدي : وهو قول ابن مسعود ومجاهد قال : والخلق والاختلاق الكذب ومنه قوله :﴿ وتخلقون إفكا ﴾ قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي ويعقوب ﴿ خلق الأولين ﴾ بفتح الخاء وسكون اللام وقرأ الباقون بضم الخاء واللام قال الهروي : معناه على القراءة الأولى : اختلاقهم وكذبهم وعلى القراءة الثانية : عادتهم وهذا التفصيل لا بد منه قال ابن الأعرابي : الخلق الدين والخلق الطبع والظاهر أن المراد بالآية هو قول من قال : ما هذا الذي نحن عليه إلا عادة الأولين وفعلهم
ويؤيده قولهم : ١٣٨ - ﴿ وما نحن بمعذبين ﴾ أي على ما نفعل من البطش ونحوه مما نحن عليه الآن
١٣٩ - ﴿ فكذبوه فأهلكناهم ﴾ أي بالريح كما صرح القرآن في غير هذا الموضع بذلك ﴿ إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين ﴾
١٤٠ - ﴿ وإن ربك لهو العزيز الرحيم ﴾ تقدم تفسير هذا قريبا في هذه السورة ثم لما فرغ سبحانه من ذكر قصة هود وقومه ذكر قصة صالح وقومه وكانوا يسكنون الحجر
فقال : ١٤١ - ﴿ كذبت ثمود ﴾
١٤٢ - ﴿ إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون ﴾
١٤٣ - ﴿ إني لكم رسول أمين ﴾
١٤٤ - ﴿ فاتقوا الله وأطيعون ﴾
إلى قوله : ١٤٥ - ﴿ إلا على رب العالمين ﴾ قد تقدم تفسيره في قصة هود المذكورة قبل هذه القصة
١٤٦ - ﴿ أتتركون في ما هاهنا آمنين ﴾ الاستفهام للإنكار - أي أتتركون في هذه النعم التي أعطاكم الله آمنين من الموت والعذاب باقين في الدنيا
ولما أبهم النعم في هذا فسرها بقوله : ١٤٧ - ﴿ في جنات وعيون ﴾
١٤٨ - ﴿ وزروع ونخل طلعها هضيم ﴾ والهضيم النضيح الرخص اللين اللطيف والطلع ما يطلع من الثمر وذكر النخل مع دخوله تحت الجنات لفضله على سائر الأشجار وكثيرا ما يذكرون الشيء الواحد بلفظ يعمه وغيره كما يذكرون النعم ولا يقصدون إلا الإبل وهكذا يذكرون الجنة ولا يريدون إلا النخل قال زهير :

( كأن عيني في غربي مقبلة من النواضح تسقي جنة سحقا )
وسحقا جمع سحوق ولا يوصف به إلا النخل وقيل المراد بالجنات غير النخل من الشجر والأول أولى وحكى الماوردي في معنى هضيم إثني عشر قولا أحسنها وأوفقها للغة ما ذكرناه
١٤٩ - ﴿ وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين ﴾ النحت : النجر والبري نحته ينحته بالكسر براه والنحاتة براية وكانوا ينحتون بيوتهم من الجبال لما طالت أعمارهم وتهدم بناؤهم من المدر قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن ذكوان ﴿ فارهين ﴾ بغير ألف وقرأ الباقون ﴿ فارهين ﴾ بالألف قال أبو عبيدة وغيره : وهما بمعنى واحد والفره : النشاط وفرق بينهما أبو عبيد وغيره فقالوا فارهين حاذقين بنحتها وقيل متجبرين وفرهين بطرين أشرين وبه قال مجاهد وغيره وقيل شرهين وقال الضحاك : كيسين وقال قتادة : معجبين ناعمين آمنين وبه قال الحسن وقيل فرحين قاله الأخفش وقال أبن زيد : أقوياء


الصفحة التالية
Icon