جملة ٢٧ - ﴿ قال سننظر ﴾ مستأنفة جواب سؤال مقدر : أي قال سليمان للهدهد : سننظر فيما أخبرتنا به من هذه القصة ﴿ أصدقت ﴾ فيما قلت ﴿ أم كنت من الكاذبين ﴾ هذه الجملة الاستفهامية في محل نصب على أنها مفعول سننظر وأم هي المتصلة وقوله :﴿ أم كنت من الكاذبين ﴾ أبلغ من قوله أم كذبت لأن المعنى : من الذين اتصفوا بالكذب وصار خلقا لهم والنظر هو التأمل والتصفح وفيه إرشاد إلى البحث عن الأخبار والكشف عن الحقائق وعدم قبول خبر المخبرين تقليدا لهم واعتمادا عليهم إذا تمكن من ذلك بوجه من الوجوه ثم بين سليمان هذا النظر الذي وعد به
فقال : ٢٨ - ﴿ اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ﴾ أي إلى أهل سبأ قال الزجاج : في ألقه خمسة أوجه : إثبات الياء في اللفظ وحذفها وإثبات الكسرة للدلالة عليها وبضم الهاء وإثبات الواو وبحذف الواو وإثبات الضمة للدلالة عليها وبإسكان الهاء وقرأ بهذه اللغة الخامسة أبو عمرو وحمزة وأبو بكر وقرأ قالون بكسر الهاء فقط من غير ياء وروي عن هشام وجهان : إثبات الياء لفظا وحذفها مع كسرة الهاء وقرأ الباقون بإثبات الياء في اللفظ وقوله ﴿ بكتابي هذا ﴾ يحتمل أن يكون اسم الإشارة صفة للكتاب وأن يكون بدلا منه وأن يكون بيانا له وخص الهدهد بإرساله بالكتاب لأنه المخبر بالقصة ولكونه رأى منه من مخايل الفهم والعلم ما يقتضي كونه أهلا للرسالة ﴿ ثم تول عنهم ﴾ أي تنح عنهم أمره بذلك لكون التنحي بعد دفع الكتاب من أحسن الآداب التي يتأدب بها رسل الملوك والمراد التنحي إلى مكان يسمع فيه حديثهم حتى يخبر سليمان بما سمع وقيل معنى التولي : الرجوع إليه والأول أولى لقوله :﴿ فانظر ماذا يرجعون ﴾ أي تأمر وتفكر فيما يرجع بعضهم إلى بعض من القول وما يتراجعونه بينهم من الكلام