فـ ٣٨ - ﴿ قال ﴾ سليمان ﴿ يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها ﴾ أي عرش بلقيس الذي تقدم وصفه بالعظم ﴿ قبل أن يأتوني مسلمين ﴾ أي قبل أن تأتيني هي وقومها مسلمين قيل إنما أراد سليمان أخذ عرشها قبل ان يصلوا إليه ويسلموا لأنها إذا أسلمت وأسلم قومها لم يحل أخذ أموالهم بغير رضاهم قال ابن عطية : وظاهر الروايات أن هذه المقالة من سليمان هي بعد مجيء هديتها ورده إياها وبعثه الهدهد بالكتاب وعلى هذا جمهور المتأولين وقيل استدعاء العرش قبل وصولها ليريها القدرة التي هي من عند الله ويجعله دليلا على نبوته وقيل أراد أن يختبر عقلها ولهذا ﴿ قال نكروا لها عرشها ﴾ إلخ وقيل أراد أن يختبر صدق الهدهد في وصفه للعرش بالعظم والقول الأول هو الذي عليه الأكثر
٣٩ - ﴿ قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك ﴾ قرأ الجمهور بكسر العين وسكون الفاء وكسر الراء وسكون المثناة التحتية وبالتاء وقرأ أبو رجاء وعيسى الثقفي وابن السميفع وأبو السمال عفريه بفتح التحتية بعدها تاء تأنيث منقلبة هاء رويت هذه القراءة عن أبي بكر الصديق وقرأ أبو حيان بفتح العين والعفريت المارد الغليظ الشديد قال النحاس : يقال للشديد إذا كان معه خبث ودهاء عفر وعفريه وعفريت وقال قتادة : هو الداهية وقيل هو رئيس الجن قال ابن عطية : وقرأت فرقة عفر بكسر العين جمعه على عفار ومما ورد من أشعار العرب مطابقا لقراءة الجمهور ما أنشده الكسائي :

( فقال شيطان لهم عفريت ما لكم مكث ولا تبييت )
ومما ورد على القراءة الثانية قول ذي الرمة :
( كأنه كوكب في إثر عفرية مصوب في سواد الليل منقضب )
ومعنى قول العفريت أنه سيأتي بالعرش إلى سليمان قبل أن يقوم من مجلسه الذي يجلس فيه للحكومة بين الناس ﴿ وإني عليه لقوي أمين ﴾ إني لقوي على حمله أمين على ما فيه قيل اسم هذا العفريت كودن ذكره النحاس عن وهب بن منبه وقال السهيلي ذكوان وقيل اسمه دعوان وقيل صخر وقوله :﴿ آتيك ﴾ فعل مضارع وأصله أأتيك بهمزتين فأبدلت الثانية ألفا وقيل هو اسم فاعل


الصفحة التالية
Icon