١٣ - وجملة ﴿ لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء ﴾ من تمام ما يقوله المؤمنون : أي وقالوا هلا جاء الخائضون بأربعة شهداء يشهدون على ما قالوا ﴿ فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك ﴾ أي الخائضون في الإفك ﴿ عند الله هم الكاذبون ﴾ أي في حكم الله تعالى هم الكاذبون الكاملون في الكذب
١٤ - ﴿ ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة ﴾ هذا خطاب السامعين وفيه زجر عظيم ﴿ ولولا ﴾ هذه هي لامتناع الشيء لوجود غيره ﴿ لمسكم في ما أفضتم فيه ﴾ أي بسبب ما خضتم فيه من حديث الإفك يقال أفاض في الحديث واندفع وخاض والمعنى : لولا أني قضيت عليكم بالفضل في الدنيا بالنعم التي من جملتها الإمهال والرحمة في الآخرة بالعفو لعاجلتكم بالعقاب على ما خضتم فيه من حديث الإفك وقيل المعنى : لولا فضل الله عليكم لمسكم العذاب في الدنيا والآخرة معا ولكن برحمته ستر عليكم في الدنيا ويرحم في الآخرة من أتاه تائبا
١٥ - ﴿ إذ تلقونه بألسنتكم ﴾ الظرف منصوب بمسكم أو بأفضتم قرأ الجمهور ﴿ إذ تلقونه ﴾ من التلقي والأصل تتلقونه فحذف إحدى التاءين قال مقاتل ومجاهد : المعنى يرويه بعضكم عن بعض قال الكلبي : وذلك أن الرجل منهم يلقى الرجل فيقول بلغني كذا وكذا ويتلقونه تلقيا قال الزجاج : معناه يلقيه بعضكم إلى بعض وقرأ محمد بن السميفع بضم التاء وسكون اللام وضم القاف من الإلقاء ومعنى هذه القراءة واضح وقرأ أبي وابن مسعود تتلقونه من التلقي وهي كقراءة الجمهور : وقرأ ابن عباس وعائشة وعيسى بن عمر ويحيى بن يعمر وزيد بن علي بفتح التاء وكسر اللام وضم القاف وهذه القراءة مأخوذة من قول العرب ولق يلق ولقا : إذا كذب قال ابن سيده : جاءوا بالمتعدي شاهدا على غير المتعدي قال ابن عطية : وعندي أنه أراد يلقون فيه فحذف حرف الجر فاتصل الضمير قال الخليل وأبو عمرو : أصل الولق الإسراع يقال جاءت الإبل تلق : أي تسرع ومنه قول الشاعر :
( لما رأوا جيشا عليهم قد طرق | جاءوا بأسراب من الشام ولق ) |
( جاءت به عيسى من الشام تلق )
قال أبو البقاء : أي يسرعون فيه قال ابن جرير : وهذه اللفظة أي تلقونه على القراءة الأخيرة مأخوذة من الولق وهو الإسراع بالشيء بعد الشيء كعدد في إثر عدد وكلام في إثر كلام وقرأ زيد بن أسلم وأبو جعفر تألقونه بفتح التاء وهمزة ساكنة ولام مكسورة وقاف مضمومة من الألق وهو الكذب وقرأ يعقوب تيلقونه بكسر التاء من فوق بعدها ياء تحتية ساكنة ولام مفتوحة وقاف مضمومة وهو مضارع ولق بكسر اللام ومعنى ﴿ وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم ﴾ أن قولهم هذا مختص بالأفواه من غير أن يكون واقعا في الخارج معتقدا في القلوب وقيل إن ذكر الأفواه للتأكيد كما في قوله :﴿ يطير بجناحيه ﴾ ونحوه والضمير في تحسبونه راجع إلى الحديث الذي وقع الخوض فيه والإذاعة له ﴿ وتحسبونه هينا ﴾ أي شيئا يسيرا لا يلحقكم فيه إثم وجملة ﴿ وهو عند الله عظيم ﴾ في محل نصب على الحال : أي عظيم ذنبه وعقابه