٩٠ - ﴿ ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار ﴾ قال جماعة من الصحابة ومن بعدهم حتى قيل إنه مجمع عليه بين أهل التأويل : إن المراد بالسيئة هنا الشرك ووجه التخصيص قوله :﴿ فكبت وجوههم في النار ﴾ فهذا الجزاء لا يكون إلا بمثل سيئة الشرك ومعنى ﴿ فكبت وجوههم في النار ﴾ أنهم كبوا فيها على وجوههم وألقوا فيها وطرحوا عليها يقال كببت الرجل : إذا ألقيته لوجهه فانكب وأكب وجملة ﴿ هل تجزون إلا ما كنتم تعملون ﴾ بتقدير القول : أي يقال ذلك والقائل خزنة جهنم : أي ما تجزون إلا جزاء عملكم
٩١ - ﴿ إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها ﴾ لما فرغ سبحانه من بيان أحوال المبدإ والمعاد أمر رسوله صلى الله عليه و سلم أن يقول لهم هذه المقالة : أي قل يا محمد إنما أمرت أن أخص الله بالعبادة وحده لا شريك له والمراد بالبلدة : مكة وإنما خصها من بين سائر البلاد لكن فيها بيت الله الحرام ولكونها أحب البلاد إلى رسوله والموصول صلة للبلدة ومعنى حرمها جعلها حرما آمنا لا يسفك فيها دم ولا يظلم فيها أحد ولا يصطاد صيدها ولا يختلى خلالها ﴿ وله كل شيء ﴾ من الأشياء خلقا وملكا وتصرفا : أي ولله كل شيء ﴿ وأمرت أن أكون من المسلمين ﴾ أي المناقدين لأمر الله المستسلمين له بالطاعة وامتثال أمره واجتناب نهيه والمراد بقوله أن أكون أن أثبت على ما أنا عليه
٩٢ - ﴿ وأن أتلو القرآن ﴾ أي أداوم تلاوته وأواظب على ذلك قيل وليس المراد من تلاوة القرآن هنا إلا تلاوة الدعوة إلى الإيمان والأول أولى ﴿ فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ﴾ لأن نفع ذلك راجع إليه : أي فمن اهتدى على العموم أو فمن اهتدى بما أتلوه عليه فعمل بما فيه من الإيمان والأول أولى ﴿ فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ﴾ لأن نفع ذلك راجع إليه : أي فمن اهتدى على العموم أو فمن اهتدى بما أتلوه عليه فعمل بما فيه من الإيمان بالله والعمل بشرائعه قرأ الجمهور ﴿ وأن أتلو ﴾ بإثبات الواو بعد اللام على أنه من التلاوة وهي القراءة أو من التلو وهو الاتباع وقرأ عبد الله وأن اتل بحذف الواو أمرا له صلى الله عليه و سلم كذا وجهه الفراء قال النحاس : ولا نعرف أحدا قرأ هذه القراءة وهي مخالفة لجميع المصاحف ﴿ ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين ﴾ أي ومن ضل بالكفر وأعرض عن الهداية فقل له إنما أنا من المنذرين وقد فعلت بإبلاغ ذلك إليكم وليس علي غير ذلك وقيل الجواب محذوف : أي فوبال ضلاله عليه وأقيم إنما أنا من المنذرين مقامه لكونه كالعلة له


الصفحة التالية
Icon