١٥ - ﴿ ودخل المدينة ﴾ أي ودخل موسى مدينة مصر الكبرى وقيل مدينة غيرها من مدائن مصر ومحل قوله ﴿ على حين غفلة من أهلها ﴾ النصب على الحال : إما من الفاعل : أي مستخفيا وإما من المفعول قيل لما عرف موسى ما هو عليه من الحق في ديةنه عاب ما عليه قوم فرعون وفشا ذلك منه فأخافوه فخافهم فكان لا يدخل المدينة إلا مستخفيا قيل كان دخوله بين العشاء والعتمة وقيل وقت القائلة قال الضحاك : طلب أن يدخل المدينة وقت غفلة أهلها فدخل على حين علم منهم فكان منه ما حكى الله بقوله :﴿ فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته ﴾ أي ممن شايعه على دينه وهم بنو إسرائيل ﴿ وهذا من عدوه ﴾ أي من المعادين له على دينه وهم قوم فرعون ﴿ فاستغاثه الذي من شيعته ﴾ أي طلب منه أن ينصره ويعينه على خصمه ﴿ على الذي من عدوه ﴾ فأغاثه لأن نصر المظلوم واجب في جمع الملل قيل أراد القطبي أن يسخر الإسرائيلي ليحمل حطبا لمطبخ فرعون فأبى عليه واستثغاث بموسى ﴿ فوكزه موسى ﴾ الوكزالضرب بجمع الكف وهكذا اللكز واللهز وقيل اللكز على اللحى والوكز على القلب وقيل ضربه بعصاه وقرأ ابن مسعود فلكزه وحكى الثعلبي أن في مصحف عثمان فنكزه بالنون قال الأصمعي : نكزه بالنون : ضربه ودفعه قال الجوهري : اللكز الضرب على الصدر وقال أبو زيد : في جميع الجسد : يعني أنه يقال له لكز واللهز الضرب بجميع اليدين في الصدر ومثله عن أبي عبيدة ﴿ فقضى عليه ﴾ أي قتله وكل شيء أتيت عليه وفرغت منه : فقد قضيت عليه ومنه قول الشاعر :
( قد عضه فقضى عليه الأشجع )
قيل لم يقصد موسى قتل القبطي وإنما قصد دفعه فأتى ذلك على نفسه ولهذا قال ﴿ هذا من عمل الشيطان ﴾ وإنما قال بهذا القول مع أن المقتول كافر حقيق بالقتل لأنه لم يكن إذ ذاك مأمورا بقتل الكفار وقيل إن تلك الحالة حالة كف عن القتال لكونه مأمونا عندهم فلم يكن له أن يغتالهم ثم وصف الشيطان بقوله :﴿ إنه عدو مضل مبين ﴾ أي عدو للإنسان يسعى في إضلاله ظاهر العداوة والإضلال وقيل إن الإشارة بقوله هذا إلى عمل المقتول لكونه كافرا مخالفا لما يريده الله وقيل إنه إشارة إلى المقتول نفسه : يعني أنه من جند الشيطان وحزبه ثم طلب من الله سبحانه أن يغفر له ما وقع منه


الصفحة التالية
Icon