٢١ - ﴿ فخرج منها خائفا يترقب ﴾ فخرج موسى من المدينة حال كونه خائفا من الظالمين مترقبا لحوقهم به وإدراكهم له ثم دعا ربه بأن ينجيه مما خافه قائلا :﴿ رب نجني من القوم الظالمين ﴾ أي خلصني من القوم الكافرين وادفعهم عني وحل بين وبينهم
٢٢ - ﴿ ولما توجه تلقاء مدين ﴾ أي نحو مدين قاصدا لها قال الزجاج : أي سلك في الطريق الذي تلقاء مدين فيها انتهى يقال داره تلقاء دار فلان وأصله من اللقاء ولم تكن هذه القرية داخلة تحت سلطان فرعون ولهذا خرج إليها ﴿ قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل ﴾ أي يرشدني نحو الطريق المستوية إلى مدين
٢٣ - ﴿ ولما ورد ماء مدين ﴾ أي وصل إليه وهو الماء الذي يستقون منه ﴿ وجد عليه أمة من الناس يسقون ﴾ أي وجد على الماء جماعة كثيرة من الناس يسقون مواشيهم ولفظ الورود قد يطلق على الدخول في المورد وقد يطلق على البلوغ إليه وإن لم يدخل فيه وهو المراد هنا ومنه قول زهير :
( فلما وردنا الماء زرقا حمامه )
وقد تقدم تحقيق معنى الورود في قوله :﴿ وإن منكم إلا واردها ﴾ وقيل مدين اسم للقبيلة وهي غير منصرفة على كلا التقديرين ﴿ ووجد من دونهم ﴾ أي من دون الناس الذين يسقون ما بينهم وبين الجهة التي جاء منها وقيل معناه : في موضع أسفل منهم ﴿ امرأتين تذودان ﴾ أي تحبسان أغنامهما من الماء حتى يفرغ الناس ويخلو بينهما وبين الماء ومعنى الذود الدفع والحبس ومنه قول الشاعر :
( أبيت على باب القوافي كأنما | أذود بها سربا من الوحش نزعا ) |
أي أحبس وأمنع وورد الذود بمعنى الطرد ومنه قول الشاعر :
( لقد سلبت عصاك بنو تميم | فما تدري بأي عصا تذود ) |
أي تطرد
﴿ قال ما خطبكما ﴾ أي قال موسى للمرأتين : ما شأنكما لا تسقيان غنمكما مع الناس ؟ والخطب الشأن قيل وإنما يقال ما خطبك لمصاب أو مضطهد أو لمن يأتي بمنكر
﴿ قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء ﴾ أي إن عادتنا التأني حتى يصدر الناس عن الماء وينصرفوا منه حذرا من مخالطتهم أو عجزا عن السقي معهم قرأ الجمهور
﴿ يصدر ﴾ بضم الياء وكسر الدال مضارع أصدر المتعدي بالهمزة وقرأ ابن عامر وأبو عمرو وأبو جعفر بفتح الياء وضم الدال من صدر يصدر لازما فالمفعول على القراءة الأولى محذوف : أي يرجعون مواشيهم والرعاء جمع راع قرأ الجمهور الرعاء بكسر الراء وقرأ أبو عمرو في رواية عنه بفتحها قال أبو الفضل : هو مصدر أقيم مقام الصفة فلذلك استوى فيه الواحد والجمع وقرئ الرعاء بالضم اسم جمع وقرأ طلحة بن مصرف نسقي بضم النون من أسقى
﴿ وأبونا شيخ كبير ﴾ عالي السن وهذا من تمام كلامهما : أي لا يقدر أن يسقي ماشيته من الكبر فلذلك احتجنا ونحن امرأتان ضعيفتان أن نسقي الغنم لعدم وجود رجل يقوم لنا بذلك فلما سمع موسى كلامهما