ثم أمر سبحانه إبراهيم أن يأمر قومه بالمسير في الأرض ليتفكروا ويعتبروا فقال : ٢٠ - ﴿ قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ﴾ على كثرتهم واختلاف ألوانهم وطبائعهم وألسنتهم وانظروا إلى مساكن القرون الماضية والأمم الخالية وآثارهم لتعلموا بذلك كمال قدرة الله وقيل إن المعنى : قل لهم يا محمد سيروا ومعنى قوله :﴿ ثم الله ينشئ النشأة الآخرة ﴾ أن الله الذي بدأ النشأة الأولى وخلقها على تلك الكيفية ينشئها نشأة ثانية عند البعث والجملة عطف على جملة سيروا في الأرض داخلة معها في حيز القول وجملة ﴿ إن الله على كل شيء قدير ﴾ تعليل لما قبلها قرأ الجمهور بـ ﴿ النشأة ﴾ بالقصر وسكون الشين وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بالمد وفتح الشين وهما لغتان كالرأفة والرآفة وهي منتصبة على المصدرية بحذف الزوائد والأصل الإنشاءة
٢١ - ﴿ يعذب من يشاء ويرحم من يشاء ﴾ أي هو سبحانه بعد النشأة الآخرة يعذب من يشاء تعذيبه وهم الكفار والعصاة ويرحم من يشاء رحمته وهم المؤمنون به المصدقون لرسله العاملون بأوامره ونواهيه ﴿ وإليه تقلبون ﴾ أي ترجعون وتردون لا إلى غيره
٢٢ - ﴿ وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء ﴾ قال الفراء : ولا من في السماء بمعجزين الله فيها قال : وهو كما في قول حسان :
( فمن يهجو رسول الله منكم | ويمدحه وينصره سواء ) |
٢٣ - ﴿ والذين كفروا بآيات الله ولقائه ﴾ المراد بالآيات التنزيلية أو التكوينية أو جميعهما وكفروا بلقاء الله : أي أنكروا البعث وما بعده ولم يعملوا بما أخبرتهم به رسل الله سبحانه والإشارة بقوله :﴿ أولئك ﴾ إلى الكافرين بالآيات واللقاء وهو مبتدأ وخبره ﴿ يئسوا من رحمتي ﴾ أي إنهم في الدنيا آيسون من رحمة الله لم ينجع فيهم ما نزل من كتب الله ولا ما أخبرتهم به رسله وقيل المعنى : أنهم ييأسون يوم القيامة من رحمة الله وهي الجنة والمعنى : أنهم أويسوا من الرحمة ﴿ وأولئك لهم عذاب أليم ﴾ كرر سبحانه الإشارة للتأكيد ووصف العذاب بكوهنه أليما للدلالة على أنه في غاية الشدة