٣٥ - ﴿ ولقد تركنا منها آية بينة ﴾ أي أبقينا من القرية علامة ودلالة بينة وهي الآثار التي بها من الحجارة رجموا بها وخراب الديار وقال مجاهد : هو الماء الأسود الباقي على وجه أرضهم ولا مانع من حمل الآية على جميع ما ذكر وخص من يعقل لأنه الذي يفهم أن تلك الآثار عبرة يعتبر بها من يراها
٣٦ - ﴿ وإلى مدين أخاهم شعيبا ﴾ أي وأرسلناه إليهم وقد تقدم ذكره وذكر نسبه وذكر قومه في سورة الأعراف وسورة هود ﴿ قال يا قوم اعبدوا الله ﴾ أي أفردوه في العبادة وخصوه بها ﴿ وارجوا اليوم الآخر ﴾ أي توقعوه وافعلوا اليوم من الأعمال ما يدفع عذابه عنكم قال يونس النحوي : معناه اخشوا الآخرة التي فيها الجزاء على الأعمال ﴿ ولا تعثوا في الأرض مفسدين ﴾ العثو العثى أشد الفساد وقد تقدم تفسيره
٣٧ - ﴿ فأخذتهم الرجفة ﴾ أي الزلزلة وتقدم في سورة هود ﴿ وأخذ الذين ظلموا الصيحة ﴾ أي صيحة جبريل وهي سبب الرجفة ﴿ فأصبحوا في دارهم جاثمين ﴾ أي أصبحوا في بلدهم أو منازلهم جاثمين على الركب ميتين
٣٨ - ﴿ وعادا وثمود ﴾ قال الكسائي : قال بعضهم هو راجع إلى أول السورة : أي ولقد فتنا الذين من قبلهم وفتنا عادا وثمود قال : وأحب إلي أن يكون على فأخذتهم الرجفة أي وأخذت عادا وثمود وقال الزجاج : التقدير وأهلكنا عادا وثمود وقيل المعنى : واذكر عادا وثمودا إذ أرسلنا إليهم هودا وصالحا ﴿ وقد تبين لكم من مساكنهم ﴾ أي وقد ظهر لكم يا معاشر الكفار من مساكنهم بالحجر والأحقاف آيات بينات تتعظون بها وتتفكرون فيها ففاعل تبين محذوف ﴿ وزين لهم الشيطان أعمالهم ﴾ التي يعملونها من الكفر ومعاصي الله ﴿ فصدهم ﴾ بهذا التزيين ﴿ عن السبيل ﴾ أي الطريق الواضح الموصول إلى الحق ﴿ وكانوا مستبصرين ﴾ أي أهل بصائر يتمكنون بها من معرفة الحق بالاستبدال قال الفراء : كانوا عقلاء ذوي بصائر فلم تنفعهم بصائرهم وقيل المعنى : كانوا مستبصرين في كفرهم وضلالتهم معجبين بها يحسبون أنهم على هدى ويرون أن أمرهم حق فوصفهم بالاستبصار على هذا باعتبار ما عند أنفسهم
٣٩ - ﴿ وقارون وفرعون وهامان ﴾ قال الكسائي : إن شئت كان محمولا على عادا وكان فيه ما فيه وإن شئت كان على فصدهم عن السبيل أي وصد قارون وفرعون وهامان وقيل التقدير : وأهلكنا هؤلاء بعد أن جاءتهم الرسل ﴿ فاستكبروا في الأرض ﴾ عن عبادة الله ﴿ وما كانوا سابقين ﴾ أي فائتين يقال سبق طالبه : إذا فاته : وقيل وما كانوا سابقين في الكفر بل قد سبقهم إليه قرون كثيرة
٤٠ - ﴿ فكلا أخذنا بذنبه ﴾ أي عاقبنا بكفره وتكذيبه قال الكسائي :﴿ فكلا أخذنا ﴾ أي فأخذنا كلا بذنبه ﴿ فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ﴾ أي ريحا تأتي بالحصباء وهي الحصى الصغار فترجمهم بها وهم قوم لوط ﴿ ومنهم من أخذته الصيحة ﴾ وهم ثمود وأهل مدين ﴿ ومنهم من خسفنا به الأرض ﴾ وهو قارون وأصحابه ﴿ ومنهم من أغرقنا ﴾ وهم قوم نوح وقوم فرعون ﴿ وما كان الله ليظلمهم ﴾ بما فعل بهم لأنه قد أرسل إليهم رسله وأنزل عليهم كتبه ﴿ ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ﴾ باستمرارهم على الكفر وتكذيبهم للرسل وعملهم بمعاصي الله
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ وتأتون في ناديكم المنكر ﴾ قال : مجلسكم وأخرج الفريابي وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن أبي الدنيا في كتاب المصمت وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الشعب وابن عساكر عن أم هانيء بنت أبي طالب قالت [ سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن قول الله سبحانه :﴿ وتأتون في ناديكم المنكر ﴾ قال : كانوا يجلسون بالطريق فيحذفون أبناء السبيل ويسخرون منهم ] قال الترمذي : بعد إخراجه وتحسينه : ولا نعرفه إلا من حديث حاتم بن أبي صغيرة عن سماك وأخرج ابن مردويه عن جابر أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن الحذف وهو قول الله سبحانه :﴿ وتأتون في ناديكم المنكر ﴾ وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر في الآية قال : هو الحذف وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس مثله وأخرج البخاري في تاريخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عائشة في الآية قالت : الضراط وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم في قوله :﴿ فأخذتهم الرجفة ﴾ قال : الصيحة وفي قوله :﴿ وكانوا مستبصرين ﴾ قال : في الضلالة وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ﴾ قال : قوم لوط ﴿ ومنهم من أخذته الصيحة ﴾ قال : ثمود ﴿ ومنهم من خسفنا به الأرض ﴾ قال : قارون ﴿ ومنهم من أغرقنا ﴾ قال : قوم نوح