١٢ - ﴿ ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون ﴾ قرأ الجمهور ﴿ يبلس ﴾ على البناء للفاعل وقرأ السلمي على البناء للمفعول يقال أبلس الرجل : إذا سكت وانقطعت حجته قال الفراء والزجاج : المبلس الساكت المنقطع في حجته الذي أيس أن يهتدي إليها ومنه قول العجاج :
( يا صاح هل تعرف رسما مكرسا | قال نعم أعرفه وأبلسا ) |
١٣ - ﴿ ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء ﴾ أي لم يكن للمشركين يوم تقوم الساعة من شركائهم الذين عبدوهم من دون الله شفعاء يجيرونهم من عذاب الله ﴿ وكانوا ﴾ في ذلك الوقت ﴿ بشركائهم ﴾ أي بآلهتهم الذين جعلوهم شركاء لله ﴿ كافرين ﴾ أي جاحدين لكونهم آلهة لأنهم علموا إذ ذاك أنهم لا ينفعون ولا يضرون وقيل إن معنى الآية : كانوا في الدنيا كافرين بسبب عبادتهم والأول أولى
١٤ - ﴿ ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون ﴾ أي يتفرق جميع الخلق المدلول عليهم بقوله :﴿ الله يبدأ الخلق ﴾ والمراد بالتفرق أن كل طائفة تنفرد فالمؤمنون يصيرون إلى الجنة والكافرون إلى النار وليس المراد تفرق كل فرد منهم عن الآخر ومثله قوله تعالى :﴿ فريق في الجنة وفريق في السعير ﴾ وذلك بعد تمام الحساب فلا يجتمعون أبدا
ثم بين سبحانه كيفية تفرقهم فقال : ١٥ - ﴿ فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون ﴾ قال النحاس : سمعت الزجاج يقول معنى أما دع ما كنا فيه وخذ في غيره وكذا قال سيبويه : إن معناه : مهما يكن من شيء فخذ في غير ما كنا فيه والروضة كل أرض ذات نبات قال المفسرون : والمراد بها هنا الجنة ومعنى يحبرون يسرون والحبور والحبرة السرور : أي فهم في رياض الجنة ينعمون قال أبو عبيد : الروضة ما كان في سفل فإذا كان مرتفعا فهو ترعة وقال غيره : أحسن ما تكون الروضة إذا كانت في مكان مرتفع ومنه قول الأعشى :
( ما روضة من رياض الحزن معشبة | خضراء جاد عليها مسبل هطل ) |