٤٢ - ﴿ قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل ﴾ لما بين سبحانه ظهور الفساد بما كسبت أيدي المشركين والعصاة بين لهم ضلال أمثالهم من أهل الزمن الأول وأمرهم بأن يسيروا لينظروا آثارهم ويشاهدوا كيف كانت عاقبتهم فإن منازلهم خاوية وأراضيهم مقفرة موحشة كعاد وثمود ونحوهم من طوائف الكفار وجملة ﴿ كان أكثرهم مشركين ﴾ مستأنفة لبيان الحالة التي كانوا عليها وإيضاح السبب الذي صارت عاقبتهم به إلى ما صارت إليه
٤٣ - ﴿ فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له ﴾ هذا خطاب لرسول الله صلى الله علهي وسلم وأمته أسوته فيه كأن المعنى إذا قد ظهر الفساد بالسبب المتقدم فأقم وجهك يا محمد إلخ قال الزجاج : اجعل جهتك اتباع الدين القيم وهو الإسلام المستقيم من قبل أن يأتي يوم يعني يوم القيامة لا مرد له لا يقدر أحد على رده والمرد مصدر رد وقيل المعنى : أوضح الحق وبالغ في الأعذار و ﴿ من الله ﴾ يتعلق بيأتي أو بمحذوف يدل عليه المصدر : أي لا يرده من الله أحد وقيل يجوز أن يكون المعنى لا يرده الله لتعلق إرادته القديمة بمجيئه وفيه من الضعف وسوء الأدب مع الله ما لا يخفى ﴿ يومئذ يصدعون ﴾ أصله يتصدعون والتصدع التفرق يقال : تصدع القوم إذا تفرقوا ومنه قول الشاعر :

( وكنا كندماني جذيمة برهة من الدهر حتى قيل لن يتصدعا )
والمراد بتفرقهم ها هنا أن أهل الجنة يصيرون إلى الجنة وأهل النار يصيرون إلى النار
٤٤ - ﴿ من كفر فعليه كفره ﴾ أي جزاء كفره وهو النار ﴿ ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون ﴾ أي يوطئون لأنفسهم منازل في الجنة بالعمل الصالح والمهاد الفراش وقد مهدت الفراش مهدا : إذا بسطته ووطأته فجعل الأعمال الصالحة التي هي سبب لدخول الجنة كبناء المنازل في الجنة وفرشها وقيل المعنى : فعلى أنفسهم يشفقون من قولهم في المشفق : أم فرشت فأنامت وتقديم الظرف في الموضعين للدلالة على الاختصاص وقال مجاهد فلأنفسهم يمهدون في القبر


الصفحة التالية
Icon