٢٨ - ﴿ الله الذي يرسل الرياح ﴾ قرأ حمزة والكسائي وابن كثير وابن محيصن يرسل ﴿ الريح ﴾ بالإفراد وقرأ الباقون ﴿ الرياح ﴾ قال أبو عمرو : كل من كان بمعنى الرحمة فهو جمع وما كان بمعنى العذاب فهو موحد وهذه الجملة مستأنفة مسوقة لبيان ما سبق من أحوال الرياح فتكون على هذا جملة ولقد أرسلنا إلى قوله وكان حقا علينا نصر المؤمنين معترض ﴿ فتثير سحابا ﴾ أي تزعجه من حيث هو ﴿ فيبسطه في السماء كيف يشاء ﴾ تارة سائرا وتارة واقفا وتارة مطبقا وتارة غير مطبق وتارة إلى مسافة بعيدة وتارة إلى مسافة قريبة وقد تقدم تفسير هذه الآية في سورة البقرة وفي سورة النور ﴿ ويجعله كسفا ﴾ تارة أخرى أو يجعله بعد بسطه قطعا متفرقة والكسف جمع كسفة والكسفة القطعة من السحاب وقد تقدم تفسير واختلاف القراءة فيه ﴿ فترى الودق يخرج من خلاله ﴾ الودق المطر ومن خلاله من وسطه وقرأ أبو العالية والضحاك يخرج من خلله ﴿ فإذا أصاب به ﴾ أي بالمطر ﴿ من يشاء من عباده ﴾ أي بلادهم وأرضهم ﴿ إذا هم يستبشرون ﴾ إذا هي الفجائية : أي فاجئوا الاستبشار بمجيء المطر والاستبشار الفرح
٤٩ - ﴿ وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم ﴾ أي من قبل أن ينزل عليهم المطر وإن هي المخففة وفيها ضمير شأن مقدر هو اسمها : أي وإن الشأن كانوا من قبل أن ينزل عليهم وقوله :﴿ من قبله ﴾ تكرير للتأكيد قاله الأخفش وأكثر النحويين كما حكاه عنهم النحاس وقال قطرب : إن الضمير في قبله راجع إلى المطر : أي وإن كانوا من قبل التنزيل من قبل المطر وقيل المعنى : من قبل تنزيل الغيث عليهم من قبل الزرع والمطر وقيل من قبل أن ينزل عليهم من قبل السحاب : أي من قبل رؤيته واختار هذا النحاس وقيل الضمير عائد إلى الكسف وقيل إلى الإرسال وقيل إلى الاستبشار والراجح الوجه الأول وما بعده من هذه الوجوه كلها ففي غاية التكلف والتعسف وخبر كان ﴿ لمبلسين ﴾ أي آيسين أو بائسين وقد تقدم تحقيق الكلام في هذا
٥٠ - ﴿ فانظر إلى آثار رحمة الله ﴾ الناشئة عن إنزال المطر من النبات والثمار والزرائع التي بها يكون الخصب ورخاء العيش : أي انظر نظر اعتبار واستبصار لتستدل بذلك على توحيد الله وتفرده بهذا الصنع العجيب قرأ الجمهور ﴿ أثر ﴾ بالتوحيد وقرأ ابن عامر وحفص وحمزة والكسائي ﴿ آثار ﴾ بالجمع ﴿ كيف يحيي الأرض بعد موتها ﴾ فاعل الإحياء ضمير يعود إلى الله سبحانه وقيل ضمير يعود إلى الأثر وهذه الجملة في محل نصب بانظر : أي انظر إلى كيفية هذا الإحياء البديع للأرض وقرأ الجحدري وأبو حيوة تحيي بالفوقية على أن فاعله ضمير يعود إلى الرحمة أو إلى الآثار على قراءة من قرأ بالجمع والإشارة بقوله :﴿ إن ذلك ﴾ إلى الله سبحانه : أي إن الله العظيم الشأن المخترع لهذه الأشياء المذكورة ﴿ لمحيي الموتى ﴾ أي لقادر على إحيائهم في الآخرة وبعثهم ومجازاتهم كما أحيا الأرض الميتة بالمطر ﴿ وهو على كل شيء قدير ﴾ أي عظيم القدرة كثيرها


الصفحة التالية
Icon